للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا لتحقق وقوع الشغل. وعلى تقدير وقوعه له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فليس فيه نقص في حقه لأنه بشر يؤثر فيه ما يؤثر في البشر من الأمور التي لا تؤدي إلى نقص في مرتبته الشريفة صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(قوله اذهبوا بها إلى أبى جهم) وفي بعض النسخ اذهبوا بها إلى أبى جهم بن أبي حذيفة. وفي رواية البخاري اذهبوا بخميصتي. وأمر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بإرسالها إلى أبي جهم لكراهته إياها لما يترتب على لبسها في الصلاة من الاشتغال بها ونقصان الخشوع. وخص صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أبا جهم بذهاب الخميصة إليه لأنه كان أهداها للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما رواه مالك والطحاوي عن عائشة قالت أهدى أبو جهم إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم خميصة شامية لها علم فشهد فيها النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم الصلاة فلما انصرف قال ردّي هذه الخميصة إلى أبي جهم فإنها كادت تفتنني "ولا يقال" كيف أرسل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لأبي جهم ما كرهه "لأنه لا يلزم" من إرسالها استعمالها في الصلاة. ونظيره ما سيأتي للمصنف في باب اللبس للجمعة ورواه البخاري عن ابن عمر وفيه ثم جاءت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب رضي الله عنه منها حلة فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إني لم أكسكها لتلبسها فكساها عمر بن الخطاب أخا له بمكة مشركا.

و(أبو جهم) هو عامر وقيل عبيد بن حذيفة ابن غانم بن عامر بن عبد الله القرشي العدوي كان من مشايخ قريش وحضر بناء الكعبة مرّتين حين بنتها قريش وحين بناها ابن الزبير

(قوله وائتونى في بأنبجانيته) بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الموحدة وتخفيف الجيم كساء غليظ له خمل ولا علم له. وقال ثعلب يجوز فتح الهمزة وكسرها وكذا الموحدة وهو منسوب إلى موضع اسمه أنبجان. وطلبها صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أبي جهم لئلا يؤثر في قلبه ردّ الهدية

(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز لبس الثوب المعلم وجواز الصلاة فيه، وعلى طلب الخشوع في الصلاة والإقبال عليها وترك كل ما يشغل القلب فيها، وعلى المبادرة بالإعراض عن زينة الدنيا والفتنة بها، وعلي جواز قبول الهدية من الأصحاب. وعلى أن الواهب إذا ردّت إليه عطيته من غير أن يكون هو الراجع فيها له أن يقبلها من غيركراهة. ودلّ بظاهره على أن اشتغال القلب في الصلاة غير قادح في صحتها وهو قول الجمهور

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه ومالك في الموطأ والطحاوي

(ص) حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ نَا أَبِي نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ -يَعْنِى ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ- قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>