للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرًا فروى ابن القاسم عن مالك أن ذلك كان في النافلة

(واستبعده) المازري وعياض والقرطبي لحديث الباب. ولما في رواية مسلم عن أبي قتادة قال رأيته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يؤمّ الناس وأمامة على عاتقه. وقال المازري إمامته بالناس في النافلة ليست بمعهودة اهـ

وروى أشهب وعبد الله بن نافع عن مالك أن ذلك كان لضرورة لأنه لم يجد من يكفيه أمرها. ولا فرق بين الفرض والنفل لأن الضرورة تبيح للرجل الاشتغال في فرضه بكثير مما ليس له فعله في غيره

(ومما يدل) على أن ذلك كان للضرورة أن فيه التغرير والتعرّض في الصلاة لما لا يمكن الاحتراز منه من بول الصبي الذي لا يفهم الزجر

(وقال) بعضهم إنه لو تركها لبكت وشغلته في صلاته أكثر من شغله بحملها

(وقال الباجي) ما ملخصه إنه إن وجد من يكفيه أمر الصبي جاز في النافلة دون الفريضة وإن لم يجد جاز فيهما اهـ

(وقال) القرطبي وروى عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك أن الحديث منسوخ

(قال) الحافظ وروى ذلك عنه الإسماعيلي لكنه غير صريح

(وقال) ابن عبد البر لعلّ الحديث منسوخ بتحريم العمل في الصلاة. وذكر عياض عن بعضهم أنه من خصائصه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لعصمته من أن تبول وهو حاملها (وردّ) بأن الأصل عدم الاختصاص. وبأنه لا يلزم من ثبوته في غيره بلا دليل. ولا دخل للقياس في مثله

(قال النووي) ادعى بعض المالكية أن الحديث منسوخ وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وبعضهم أنه كان لضرورة وكل هذه الدعاوى باطلة ومردودة فإنه لا دليل عليها ولا ضرورة إليها بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع لأن الآدمي طاهر وما في جوفه معفوّ عنه وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى تتبين النجاسة. والأعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرّقت ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك وإنما فعل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذلك لبيان الجواز اهـ

(وقال) الفاكهاني وكان السرّ في حمله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمامة في الصلاة دفعًا لما كانت العرب تألفه من كراهة البنات وحملهن فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم. والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول اهـ قالوا والعمل الكثير في الصلاة مبطل لها. وضابطه عندهم أنه يخيل للناظر أن ذلك الشخص ليس في صلاة

(وذهبت الحنفية) إلى أن العمل الكثير مفسد للصلاة والقليل غير مفسد. واختلفوا في ضبطهما فقال صاحب البدائع العمل الكثير ما يحتاج فيه إلى استعمال اليدين والقليل ما لا يحتاج فيه إلى ذلك حتى قالوا إذا زرّ قميصه في الصلاة فسدت صلاته وإذا حلّ أزراره لا تفسد. وقال بعضهم كل عمل لو نظر إليه الناظر من بعيد لا يشك أنه في غير الصلاة فهو كثير وكل عمل لو نظر إليه الناظر ربما يشتبه عليه أنه في الصلاة فهو قليل. قالوا وهذا الضابط أصح مما قبله. وعلى ذلك لو حملت

<<  <  ج: ص:  >  >>