للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأجوبة

(منها) أن التشبيه إنما هو لأصل الصلاة بأصل الصلاة لا للقدر بالقدر ونظيره قوله تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} فإن المراد أصل الصيام لا عينه ووقته وقوله تعالى {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} وقوله تعالى {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} فإن التشبيه فيهما في أصل الإيحاء وأصل الإحسان لا القدر

(ومنها) أن التشبيه إنما هو في الصلاة على الآل لا على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقوله اللهم صل على محمَّد منقطع عن التشبيه وقوله وآل محمَّد متصل بقوله كما صليت على إبراهيم "وما قيل" على هذا الجواب من أن التركيب ركيك وهو معيب في كلام العرب "مردود" بما قاله الحافظ من أن التركيب ليس بركيك لأن التقدير اللهم صل على محمَّد وصل على آل محمَّد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فهو من عطف الجمل (وقال الحليمي) سبب هذا التشبيه أن الملائكة قالت في بيت إبراهيم رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد وقد علم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم وآل محمَّد من أهل بيت إبراهيم فكأنه قال أحب دعاء الملائكة الذين قالوا ذلك في محمَّد وآل محمَّد كما أجبتها عند ما قالوها في آل إبراهيم الموجودين حينئذ ولذلك ختم بما ختمت به الآيات اهـ

(ومنها) أن التشبيه للمجموع بالمجموع فإن الأنبياء من آل إبراهيم كثيرون وهو صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم منهم (وقال في الهدى) هو صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من آل إبراهيم وقد ثبت ذلك عن ابن عباس في تصير قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} قال محمَّد من آل إبراهيم فكأنه أمرنا أن نصلي على محمَّد وعلى آل محمَّد خصوصًا بقدر ما صلى عليه مع إبراهيم وآل إبراهيم عمومًا فيحصل لآله ما يليق بهم ويبقى الباقي كله له وذلك القدر أزيد مما لغيره من آل إبراهيم قطعًا وتظهر حينئذ فائدة التشبيه وأن المطلوب له بهذا اللفظ أفضل من المطلوب بغيره من الألفاظ

(ووجدت) في مصنف لشيخنا مجد الدين الشيرازي جوابًا آخر نقله عن بعض أهل الكشف حاصله أن التشبيه لغير اللفظ المشبه به لا لعينه وذلك أن المراد بقولنا اللهم صل على محمَّد اجعل من أتباعه من يبلغ النهاية في أمر الدين كالعلماء بشرعه بتقريرهم أمر الشريعة كما صليت على إبراهيم بأن جعلت في أتباعه أنبياء يقرّرون الشريعة.

والمراد بقوله وعلى آل محمَّد اجعل من أتباعه ناسًا محدَّثين بالفتح يخبرون بالمغيبات كما صليت على آل إبراهيم بأن جعلت فيهم أنبياء يخبرون بالمغيبات. والمطلوب حصول صفات الأنبياء لآل محمَّد وهم أتباعه في الدين كما كانت حاصلة بسؤال إبراهيم اهـ

(على أن) كون المشبه به أقوى من المشبه ليس مطردًا بل قد يكون مساويًا أو أقلّ كما في قوله تعالى {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} وأين نور المشكاة من نوره تعالى لكن لما كان المراد من المشبه به أن يكون شيئًا واضحًا ظاهرًا للسامع حسن تشبيه النور بالمشكاة فكذلك هنا لما كان تعظيم إبراهيم وآله بالصلاة عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>