للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلاغية أم لا. أما النسيان فممتنع في البلاغيات مطلقًا فعلية أو قولية قبل تبليغها. وبعد التبليغ يجوز عليه لكن يكون من الله تعالى لا من الشيطان إذ ليس له عليه سبيل

(قوله فقال أصدق ذواليدين فأومأوا أي نعم) أي أشاروا إلى صدق ما قاله ذو اليدين. وقوله نعم تفسير من بعض الرواة للإيماء وفي رواية مسلم نظر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يمينًا وشمالًا فقال ما يقول ذواليدين قالوا صدق لم تصلّ إلا ركعتين. وفي رواية ابن ماجه قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أكما يقول ذو اليدين قالوا نعم. وفي رواية للبخاري قالوا صدق لم تصلّ إلا ركعتين (ولا منافاة) بين هذه الروايات لإمكان الجمع بينها بأن البعض جمع بين الإشارة والكلام وبعضهم أشار والآخر تكلم

"فإن قيل" كيف تكلم ذو اليدين ومن معه وهم في الصلاة "أجيب" بأنهم لم يكونوا على يقين أنهم في صلاة فإنهم كانوا مجوّزين نسخ الصلاة من أربع إلى اثنتين ولهذا قيل أقصرت الصلاة أم نسيت (وقال النووي) إن هذا كان خطابًا للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وجوابا وذلك لا يبطل عندنا وعند غيرنا اهـ وقوله وعند غيرنا فيه نظر لأنه محمول عند بعضهم على صلاة النافلة

(قوله فرجع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى مقامه فصلى الركعتين الباقيتين) ظاهره أنه رجع لتمام الصلاة لمجرّد قول القوم. لكن سيأتي للمصنف في الباب في حديث محمَّد بن يحيى بن فارس أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يسجد سجدتي السهو حتى يقنه الله عزّ وجل ذلك أي أنه سلم من اثنتين فلا يقال إنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ترك يقين نفسه ورجع إلى قولهم

(وفي الحديث حجة) لمن قال إن الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بني على صلاته التي سلم منها ناسيًا (وأجاب) عنه من قال ببطلان الصلاة بالكلام مطلقًا ولو لمصلحتها بأن الحديث منسوخ بحديث ابن مسعود المتقدم في "باب ردّ السلام في الصلاة" وفيه وإن الله عَزَّ وَجَلَّ قد أحدث أن لا تكلموا في الصلاة وبحديث زيد بن أرقم المتقدم أيضًا في "باب النهي عن الكلام في الصلاة" ولفظه كان أحدنا يكلم الرجل إلى جنبه في الصلاة فنزلت (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام لأن ذا اليدين قتل يوم بدر على ما نقلوه عن الزهري وقالوا لا يمنع من هذا كون أبي هريرة رواه وهو متأخر الإِسلام عن وقعة بدر لأن الصحابي قد يروي ما لا يحضره بأن يسمعه منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أو من صحابي (لكن) دعوى النسخ مردودة لأن حديث ابن مسعود كان بمكة حين رجع من الحبشة قبل الهجرة أو كان بالمدينة حين كان يتجهز صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لغزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة. وحديث أبي هريرة في قصة ذى اليدين كان بعد ذلك لأن أبا هريرة أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة "وقولهم" لا يمنع من هذا كون أبي هريرة رواه وهو متأخر الإِسلام الخ "مردود" أيضًا بأن أبا هريرة كان يصلي مع النبي صلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>