للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصحاب أنها فرض كفاية (قال الدارمي) غلطوا حاكيه وقال أبو إسحاق المروزي لا يجوز حكايته هذا عق الشافعي (واستدل) من قال إنها فرض كفاية بما تقدم في باب من تجب عليه الجمعة عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال الجمعة على كل من سمع النداء قال في ضوء النهار إنه يدل على ذلك بلا شك ولا شبة اهـ لكن لا دلالة فيه لأنه ليس فيه إلا أنها من فرائض الأعيان على من سمع النداء فقط وليس فيه أنها فرض كفاية على من لم يسمع بل مفهومه يدل على أنها لا تجب عليه لا عينا ولا كفاية، وعلى تقدير أنه يدل على دعواهم ففيه مقال كما تقدم فلا يصلح للاستدلال به (واستدل) من قال بأنها فرض عين بحديث الباب (وبما) رواه النسائي عن حفصة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال رواح الجمعة واجب على كل محتلم (وبما) تقدم للمصنف في باب التشديد في ترك الجمعة أيضًا عن أبي الجعد مرفوعًا من ترك ثلاث جمع تهاونًا بها طبع الله على قلبه (وبما) رواه أحمد ومسلم عن ابن مسعود أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة لقد هممت أن آمر رجلًا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم. وبما رواه مسلم عن أبي هريرة وابن عمر أنهما سمعا النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول على أعواد منبره لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعًات أوليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين

(قوله في جماعة) صريح في أن الجماعة شرط في صحة الجمعة وعليه عامة الفقهاء إلا أنهم اختلفوا في العدد الذي تنعقد به الجمعة (فقال) أبو حنيفة ومحمد أقله ثلاث سوي الإِمام لأن الجمع الصحيح إنما هو الثلاث لأنه جمع تسمية ومعني ولأن قوله تعالى في الآية "فاسعوا" يقتضي ساعين وأقل الجمع ثلاثة وقوله "إلى ذكر الله" يقتضي ذاكرا يسعي إليه وهو الإِمام (قالا) ويجب أن يكونوا ممن تصلح إمامتهم (وبهذا) قال المؤيد بالله وأبو طالب وحكاه ابن المنذر عن الأوزاعي واختاره المزني والسيوطي وحكي عن الثوري (وقال أبو يوسف) والليث أقل الجماعة اثنان سوي الإِمام لأن في المثني اجتماع واحد بآخر والجمعة مشتقة من الجماعة وفي اثنين اجتماع لا محالة (وقالت المالكية) أقل الجماعة التي تنعقد بهم الجمعة اثنا عشر رجلًا سوي الإِمام ممن تجب عليهم الجمعة بأن يكونوا ذكورا بالغين أحرارًا مقيمين مستوطنين بنية التأبيد (وبه قال) الزهري والأوزاعي ومحمد ابن الحسن وحكاه المتولي عن ربيعة والماوردي في الحاوي (واستدلوا) بما رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه عن جابر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يخطب قائمًا يوم الجمعة فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلًا. لكن ليس في الحديث ما يدل على أنها لا تصح إلا بهذا العدد (وذهبت الحنابلة) وإسحاق والشافعية إلى أن أقل الجماعة في الجمعة أربعون بالإمام واستدلوا بما رواه الدارقطني والبيهقي عن جابر في كل أربعين فما فوقها

<<  <  ج: ص:  >  >>