للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبعد وإذا كان كذلك فلا ضرورة تدعو إلى ما أحدثوه. ثم مع ذلك ترتب عليه المفاسد أعني التشويش على من في المسجد ينتظر الجمعة وهم على ما يعلم من حالهم منهم المصلي والذاكر والتالي والمتفكر إلى غير ذلك (وهذه البدعة) قد عمت البلوى في الأقاليم لكن كل أهل إقليم قد اختصوا بعوائد ألا تري أن التذكار في الديار المصرية على ما هو مشاهد وفي المغرب يجتمع جماعة من المؤذنين فيرفعون أصواتهم على المنار بقولهم الوضوء للصلاة ويدورون عليه مرارًا وذلك مكروه لوجوه (الأول) أنه لم يكن من فعل من مضى (الثاني) أن العامة تسمعهم فيظنون أن الغسل للجمعة غير مشروع لها والغالب أنهم لا يسألون العلماء فتندرس هذه السنة بينهم ولو قدّرنا أنهم ينادون الغسل للجمعة وهو الغالب فقد يكون ذلك سببًا لترك الجمعة لجهله وهو لا يسأل ويسمع الغسل للجمعة ولا يقدر عليه فيترك الصلاة لأجل ذلك (الثالث) ما ترتب على ذلك من التشويش على من في المسجد كما تقدم بيانه اهـ كلام صاحب المدخل (وما ذكره) توسيع في الدائرة وإلا فيكفي في منع ذلك أنه بدعة لم يستحسنها أحد من السلف وأن فيها تشويشًا وهو حرام بالإجماع وأنه وسيله إلى اعتقاد العوام أنه من الدين ومن الأمور الشرعية التي لابدّ منها والآيات والأحاديث والآثار ناطقة بمنع ذلك كله

(قوله فثبت الأمر على ذلك) أي على زيادة أذان ثان على الزوراء كما كان في عهد سيدنا عثمان. وهذا كان بالنسبة لزمن أبي داود (أما ما يفعل) الآن من وقوع الأذانين في مكان واحد أو أحدهما فوق المسجد والآخر داخل المسجد فليس موافقًا لما كان عليه سيدنا عثمان ولا ما كان عليه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأبو بكر وعمر فإن الغرض الذي زاد سيدنا عثمان الأذان لأجله وهو أنه لما كثر الناس وانتشرت المنازل كان من عند الزوراء لا يسمع الأذان الذي عند المسجد زاد أذانًا على الزوراء لإسماعهم فإذا اجتمع الناس في المسجد وجلس الخطيب على المنبر أذن المؤذن ثانيًا خارج المسجد على الباب أو علي السطح كما كان في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر وعمر وهذا الغرض الذي أحدث الأذان الثاني من أجله في زمن سيدنا عثمان رضي الله عنه ليس موجودًا في زماننا فإننا لم نر أذانا يفعل بعيدًا عن المسجد فإذًا يطلب الاقتصار على أذان واحد في الجمعة في زماننا كماكان في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر لعدم الغرض الذي أحدث الأذان الثاني من أجله ومن لم يقتصر على أذان واحد فقد خالف سيدنا عثمان فضلا عن غيره وهذا معلوم لمن اطلع على ما هو مقرّر في كتب السنة، وعلى فرض أنه وجد الغرض الذي أحدث الأذان الثاني من أجله زمن سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه يطلب أن يقتصر على أذان واحد أيضًا كما صرّح بذلك الشافعي في الأم قال وأحب أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يدخل الإِمام المسجد ويجلس على موضعه الذي يخطب عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>