للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالشراء التنعم والتنزه وبالإهداء التحابب جريًا على العادة لم يكن كفرًا لكنه مكروهًا للتشبه بالكفرة حينئذ فينبغي التحرّز عنه اهـ من المرقاة

(وقال في المدخل) بعد أن ذكر المواسم الشرعية وغيرها مما أحدثه المسلمون بقي الكلام على المواسم التي اعتادها أكثرهم وهم يعلمون أنها مواسم مختصة بأهل الكتاب. فتشبه بهم بعض أهل الوقت فيها وشاركوهم في تعظيمها يا ليت ذلك لو كان في العامة خصوصًا ولكنك ترى بعض من ينتسب إلى العلم يفعل ذلك في بيته ويعينهم عليه ويعجبه منهم ويدخل السرور على من عنده في البيت من كبير وصغير بتوسعة النفقة والكسوة على زعمه بل زاد بعضهم أنهم يهادون بعض أهل الكتاب في مواسمهم ويرسلون إليهم ما يحتاجونه. لمواسمهم فيستعينون بذلك على زيادة كفرهم ويرسل بعضهم الخرفان وبعضهم الفواكه وغير ذلك مما يكون في وقتهم وقد يجمع ذلك أكثرهم وهذا كله مخالف للشرع الشريف

(قال أشهب) قيل لمالك أترى بأسًا أن يهدى الرجل لجاره النصراني مكافأة له على هدية أهداها إليه قال ما يعجبنى ذلك قال الله عَزَّ وَجَلَّ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ... الآية)

(قال ابن رشد) رحمه الله تعالى قوله مكافأة له على هدية أهداها إليه إذ لا ينبغي له أن يقبل منه هدية لأن المقصود من الهدايا التودّد لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم تهادوا تحابوا وتذهب الشحناء. فإن أخطأ وقبل منه هديته فالأحسن أن يكافئه عليها حتى لا يكون له عليه فضل في معروف صنعه معه

(وسئل) ابن القاسم عن الركوب في السفن التي يركب فيها النصارى لأعيادهم فكره ذلك مخافه نزول السخط عليهم لكفرهم الذي اجتمعوا له (قال) وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدى إلى النصراني في عيده مكافأة له ورآه من تعظيم عيده وعونًا له على مصلحة كفره ألا ترى أنه لا يحل للمسلين أن يبيعوا للنصارى شيئًا من مصلحة عيدهم لا لحمًا ولا إدامًا ولا ثوبًا ولا يعارون دابة ولا يعاونون على شيء من دينهم لأن ذلك من التعظيم لشركهم وعونهم عل كفرهم وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك وهو قول مالك وغيره لم أعلم أحدًا اختلف في ذلك اهـ

(ويمنع) التشبه بهم لما ورد في الحديث من تشبه بقوم فهو منهم. ومعنى ذلك تنفير المسلمين عن موافقة الكفار في كل ما اختصوا به وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكره موافقة أهل الكتاب في كل أحوالهم حتى قالت اليهود إن محمدًا يريد أن لا يدع شيئًا من أمرنا إلا خالفنا فيه (وقد جمع) هؤلاء بين التشبه بهم فيما ذكر والإعانة لهم على كفرهم فيزدادون به طغيانا إذ أنهم إذا رأوا المسلمين يوافقونهم أو يساعدونهم أو هما معا كان ذلك سببًا لغبطتهم بدينهم ويظنون أنهم على حق (وكثرت المهاداة) بينهم حتى أن بعض أهل الكتاب ليهادون ببعض ما يفعلونه في مواسمهم لبعض من له رياسة من المسلمين فيقبلون ذلك منهم ويشكرونهم ويكافئونهم وأكثر أهل الكتاب يغتبطون بدينهم ويسرّون عند قبول المسلم ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>