للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فعل ذلك معاوية. فقد روى الشافعي في مسنده عن عبد الله بن يزيد الخطميّ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يبدءون بالصلاة قبل الخطبة حتى قدم معاوية قدّم الخطبة وروى عن ابن سيرين أن أول من فعل ذلك زياد حين كان بالبصرة

(قوله فقال أبو سعيد الخدري من هذا الخ) يعني من المنكر على مروان فقيل له فلان بن فلان (وهو صريح) في أن الإنكار كان من غير أبي سعيد. وفي رواية للبخاري قال أبو سعيد لما أتينا الصلاة إذا منبر بناه كثير بن الصلت فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي فجبذته بثوبه فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلاة فقلت غيرتم والله فقال أبا سعيد قد ذهب ما تعلم فقلت ما أعلم والله خير مما لا أعلم (وهي صريحة) في أن المنكر على مروان أبو سعيد "ولا تنافي" بين الروايتين "لاحتمال" تعدد القصة ويؤيده ما في حديث الباب من إخراج المنبر إلى المصلى بخلاف رواية البخاري المذكورة فإن فيها أنهم حين خرجوا إلى المصلي وجدوا أن كثير بن الصلت قد بنى فيها منبرًا. وفي رواية مسلم فإذا كثير بن الصلت قد بنى منبرًا من طين ولبن

(قوله أما هذا قد قضى ما عليه) يعني أدّى ما وجب عليه من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (قال القاضي عياض) إنكار الرجل وأبي سعيد بحضرة هذا الجمع وتسمية أبي سعيد بذلك منكرًا يدل على أن السنة وعمل الخلفاء تقديم الصلاة وأن ما روى من تقديم الخطبة عمن تقدم ذكره لا يصح لأن المغير لا يحمل الناس على مذهبه وإنما يغير ما أجمع عليه اهـ

(قوله سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول الخ) أتى به تأييدًا لقوله أما هذا فقد قضى ما عليه

(قوله من رأى منكم منكرًا فاستطاع أن يغيره الخ) وفي رواية مسلم من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده (والأمر) فيه للوجوب إجماعًا (قال) القاضي عياض الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من دعائم الإِسلام المجمع على وجوبها ولم يخالف فيه إلا من لا يعتدّ به من الروافض اهـ (وهو واجب) على الكفاية ويتعين على من علم به وحده أولم يقدر على القيام به إلا هو. ولا يشترط في القيام به أن يكون الآمر ممتثلًا في نفسه لأنه تعلق به حقان حق الكفّ في نفسه وحق نهي غيره ولا يسقط حق حقًا. وهو لا ينافي أن الكمال أن يكون الآمر عاملًا بما يأمر به مجتنبًا ما ينهى عنه ليكون أدعى في القبول. ويشترط في القيام به أن يكون الآمر عالمًا بما يأمر به. وما اشتهر حكمه من الواجبًات الظاهرة والمحرّمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها يستوى في القيام به العلماء وغيرهم وما خفي من الأقوال والأفعال يختص به العلماء

(قوله فإن لم يستطع فبلسانه الخ) أي وإن لم يستطع تغيير المنكر بيده كأن خاف من تغييره باليد مفسدة أشد فليغيره بلسانه بالأمر والنهى ويكون بلين ورفق ما لم تدع الحاجة إلى الشدة ليكون أقرب إلى تحصيل المطلوب فإن خاف من التغيير بالقول أشدّ غيره بقلبه بأن يكره المنكر ويضرع إلى الله تعالى في إزالته

(قوله وذلك)

<<  <  ج: ص:  >  >>