للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر فلما شق عليه وضع عنه الوضوء إلا من حدث. ولمسلم من حديث بريدة كان النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ عند كل صلاة فلما كان يوم الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد فقال له عمر إنك فعلت شيئا لم تكن تفعله فقال عمدا فعلته "وفعله لبيان الجواز" واستدل الدارمى في مسنده على ذلك بقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا وضوء إلا من حدث، والمعوّل عليه أن سبب وجوب الطهارة إرادة المحدث ما لا يحل إلا بها كالصلاة وسجدة التلاوة، وتقدم بعض ذلك في باب السواك، قال العيني "فإن قلت" ما سبب وجوب الطهارة "قلت" إرادة الصلاة بشرط الحدث لقوله تعالى "إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم" الآية أي إذا أردتم القيام إلى الصلاة وأنتم محدثون فاغسلوا. لا القيام مطلقا كما هو مذهب أهل الظاهر ولا الحدث مطلقا كما هو مذهب أهل الطرد وفسادهما ظاهر اهـ وقال النووي اختلف أصحابنا في الموجب للوضوء على ثلاثة أوجه (أحدها) أنه يجب بالحدث وجوبا موسعا (والثاني) لا يجب إلا عند القيام إلى الصلاة (والثالث) يجب بالأمرين وهو الراجح اهـ. والحكمة في جمعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بين الصدقة والصلاة في هذا الحديث أن العبادة نوعان مالى وبدني فاختار من المالية الصدقة لكثرة نفعها وعموم خيرها ومن البدنية الصلاة لكونها تالية الإيمان في الكتاب والسنة ولكونها عماد الدين والفارقة بين الإسلام والكفر ولكون كل منهما محتاجا إلى الطهارة. أما الصدقة فلاحتياجها إلى طهارة المال وأما الصلاة فلاحتياجها إلى طهارة البدن من الحدث

(فقه الحديث) دل الحديث على أن الصدقة من المال الحرام غير مقبولة ولا ثواب فيها وعلى أن الصلاة بغير طهارة لا تصح لا فرق في ذلك بين صلاة الجنازة وغيرها خلاقا لما حكى عن الشعبي والطبري من أنهما أجازا صلاة الجنازة بلا طهارة فإنه باطل لعموم هذا الحديث وإجماع العلماء على خلافه فلو صلى محدثا متعمدا بلا عذر أثم ولا يكفر عند الجمهور. وحكى عن أبي حنيفة أنه يكفر لتلاعبه. أما المعذور كمن لم يجد ماء ولا ما يقوم مقامه كالتراب فالأقوى دليلا وجوب الصلاة عليه بلا إعادة. أما الوجوب فلحديث وما أمرتكم بأمر فافعلوا منه ما استطعتم رواه البخاري ومسلم، وأما عدم الإعادة فلأنها إنما تجب بأمر جديد والأصل عدمه وهو قول أحمد واختاره المزني من الشافعية، ويجب عليه أن يقتصر في صلاته على ما لا تصح إلا به، وقيل بوجوب الصلاة في الوقت ووجوب الإعادة عند التمكن من الطهارة، وهو مشهور مذهب الشافعية وقول لبعض المالكية، والمعتمد عندهم سقوط الصلاة أداء وقضاء، وقيل باستحباب الصلاة ووجوب القضاء. وقيل بحرمة الصلاة في الحال ووجوب القضاء عند التمكن وبه قال أبو حنيفة وقال أبو يوسف يتشبه بالمصلى فلا ينوي ولا يقرأ ويركع ويسجد ويعيد الصلاة متى قدر على إحدى الطهارتين

<<  <  ج: ص:  >  >>