للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للاستغراق ولا يتصور ذلك إلا إذا قدر أقل مدة السفر ثلاثة أيام لأنه لو قدر بأقل من ذلك لا يمكنه استيفاء مدته لانتهاء سفره فاقتضى تقديره بها ضرورة وإلا لخرج بعض المسافرين. قالوا ولا يشترط سفركل اليوم إلى الليل بل إلى الزوال لأنه أكثر النهار الشرعي الذي هو من الفجر إلى الغروب. والمدة من الفجر إلى الزوال في أقصر أيام السنة في القطر المصري سبع ساعات إلا ثلثا فزمن السير في ثلاثة أيام عشرون ساعة وهو قريب من مسافة القصر عند الأئمة الثلاثة. وقد اعتمد بعض علماء الحنفية أن قدرها بالزمن مسير يوم وليلة أو يومين معتدلين وكذا ليلتان بحيث يقطع المسافر أربعًا وعشرين ساعة يسير الإبل المثقلة بالأحمال ودبيب الأقدام ذهابًا لا إيابًا بما في ذلك زمن استراحة المسافر الذي يقضي فيه مصالحة من أكل وطهارة وصلاة وإصلاح متاع. وعن أبي حنيفة تقديره بثلاث مراحل وهو قريب من الأول. ويعتبر في كل شيء السير المعتاد فيه مع الاستراحة المعتادة حتى لو ركب قطارًا مثلًا فقطع مسيرة ثلاثة أيام في زمن يسير قصر الصلاة. وقيل إنه مقدر بالفراسخ. فقيل بأحد وعشرين. وقيل ثمانية عشر. والصحيح أنه لا اعتبار بالفراسخ. قال في البحر وأشار المصنف "يعني النسفى" إلى أنه لا اعتبار بالفراسخ وهو الصحيح لأنّ الطريق لو كان وعرًا بحيث يقطع في ثلاثة أيام أقل من في خمسة عشر فرسخًا قصر بالنص وعلى التقدير بها لا يقصر فيعارض النص فلا يعتبر سوى سير الثلاثة اهـ وفي النهاية الفتوى على اعتبار ثمانية عشر فرسخًا.

وفي المجتبى فتوى أكثر أئمة خوارزم على خمسة عشر فرسخًا اهـ

وقال في فتح القدير وكل من قدر بقدر اعتقد أنه مسيرة ثلاثة أيام اهـ

وهذا التقدير ملاحظ فيه الطريق السهل. وأما الصعب فالمسافة فيه أقل من خمسة عشر فرسخًا على قدر صعوبة. هذا واعلم أن الفرسخ ثلاثة أميال والميل أربعة آلاف ذراع فلكي والذراع ستة وأربعون سنتيمترًا وثلاثة أثمان سنتيمترًا فيكون الميل ١٨٥٥ متر خمسًا وخمسين وثمانمائة وألف متر. ويكون الفرسخ ٥٥٦٥ متر خمسة وستين وحمسمائة وخمسة ألاف متر. وتكون الخمسة عشر فرسخًا ٨٣٤٧٥ متر خمسة وسبعين وأربعمائة وثلاثة وثمانين ألف متر. أي نحو ثلاثة وثمانين كيلو متر ونصف كيلو متر.

هذا (وأجاب) الجمهور عما احتج به ابن حزم من إطلاق الآية والأحاديث بأنه ينقل عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم القصر صريحًا في أقل من مرحلتين. وعن حديث الباب بأن المراد به أنه كان إذا سافر سفرًا طويلًا ابتدأ القصر بعد ثلاثة أميال. فهو بيان لابتداء القصر وليس المراد منه بيان غاية السفر وليس التقييد بالثلاثة لكونه لا يجوز القصر عند مفارقة البلد بل لأنه ما كان يحتاج إلى القصر إلا إذا تباعد هذا القدر لأن الظاهر أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان لا يسافر عند دخول وقت الصلاة إلا بعد أن يصليها فلا تدركه الصلاة الأخرى إلا وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>