للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين الصلاتين من غير خوف ولا سفركان المطر

(وظاهر الحديث) مع تفسير مالك له يقتضي إباحة الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء لضرورة المطر.

وقد روي عن مالك كراهية الجمع بين الظهر والعصر للمطر لأن الغالب من أحوال الناس وقتئذ تصرفهم في أسواقهم وزراعاتهم وغير ذلك من أمور معايشهم في وقت المطر والطين ولا يمتنعون من شيء من ذلك بسببهما فكره أن يمتنع مع ذلك من أداه الفرائض في أوقاتها المختارة لها. وليس كذلك في المغرب والعشاء فإن وقتهما ليس وقت تصرّف بما ذكر بل إذا جمع بينما رجع إلى منزله للراحة والسكون فيه. ووافق مالكًا على ما ظنه جماعة من أهل المدينة وغيرهم كالشافعي.

لكن في الرواية الآتية من غير خوف ولا مطر. وأجاب البيهقي بأن الأولى رواية الجمهور فهى أولى. قال وقد روينا عن ابن عباس وابن عمر الجمع بالمطر وهو يؤيد التأويل (وأجاب) غيره بأن المراد ولا مطر كثير أو ولا مطر دائم. وقد قال بجواز الجمع للمطر جماعة من السلف فجوزه الشافعي بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء جمع تقديم بشرط أن يكون المطر قائمًا وقت افتتاح الصلاتين. وبه قال أبو ثور وجماعة. وجوزه مالك وأحمد بين المغرب والعشاء دون الظهر والعصر. وبه قال ابن عمر وعروة بن الزبير وإسحاق والفقهاء السبعة. مستدلين بحديث الباب. وبما رواه الأثرم عن أبى سلمة بن عبد الرحمن قال إن من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء قال ابن قدامة في المغني وهذا ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال نافع أن عبد الله بن عمر كان يجمع إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء. وقال هشام بن عروة رأيت أبان بن عثمان يجمع بين الصلاتين في الليلة المطيرة المغرب والعشاء فيصليهما معه عروة بن الزبير وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عبد الرحمن لا ينكرونه ولا يعرف لهم في عصرهم مخالف فكان إجماعًا رواه الأثرم اهـ

وروي هذا عن مروان وعمر بن عبد العزيز وجوز مالك الجمع بينهما للطين والظلمة أيضًا

(وقال) أبو حنيفة والمزني وآخرون لا يجوز الجمع للمطر مطلقًا وحملوا الجمع في الحديث علي الجمع الصوري. قال النووي هذا احتمال ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل. قال الحافظ في الفتح وهذا الذي ضعفه استحسنه القرطبي ووجحه قبله إمام الحرمين وجزم به ابن الماجشون والطحاوي وقوّاه ابن سيد الناس بأن أبا الشعثاء وهو راوى هذا الحديث عن ابن عباس قد قال به فيما رواه الشيخان من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار فذكر هذا الحديث وزاد قلت يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء قال وأنا أظنه. وراوي الحديث أدري بالمراد من غيره. ثم قال ويقوى ما ذكر من الجمع الصوري أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرّض لوقت الجمع فإما أن تحمل علي مطلقه فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها

<<  <  ج: ص:  >  >>