للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلوات في أول وقتها والبعض في آخره والبعض في آخر وقته وما يليه في أول وقته. وقد جاءت هذه الجملة عند الطبراني في الأوسط والكبير عن ابن مسعود مرفوعة بلفظ جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فقيل له في ذلك فقال صنعت ذلك لئلا تحرج أمتي

(وبظاهر) هذا الحديث قال ابن المنذر وحكاه عن غير واحد من أصحاب الحديث. وحكاه القفال عن أبي إسحاق المروزي قالوا يجوز الجمع في الحضر من غير خوف ولا مطر ولا مرض قال ابن المنذر ولا معنى لحمل الجمع فيه على عذر من الأعذار لأن ابن عباس قد أخبر بالعلة فيه بقوله أراد أن لا يحرج أمته.

وحكي عن ابن سيرين أنه كان لا يرى بأسًا بالجمع بين الصلاتين في الحضر للحاجة مطلقًا أولغير حاجة ما لم يتخذ عادة.

واستدلوا أيضًا بما أخرجه النسائي من طريق عمرو بن هرم عن جابر بن زيد عن ابن عباس أنه صلى بالبصرة الأولى "يعني الظهر" والعصر ليس بينهما شيء والمغرب والعشاء ليس بينهما شيء فعل ذلك من شغل. وزعم ابن عباس أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة الأولى والعصر ثماني سجدات ليس يينهما شيء اهـ

"وكان شغل ابن عباس" بخطبة خطبها للناس كما أخرجه مسلم والبيهقي من طريق عبد الله بن شقيق قال خطبنا ابن عباس يومًا بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس يقولون الصلاة الصلاة فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني الصلاة الصلاة فقال ابن عباس أتعلمني بالسنة لا أمّ لك ثم قال رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء. قال عبد الله بن شقيق فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته اهـ

(وحمل الجمهور) حديث الباب على ما تقدم في شرح الحديث السابق من أن المطر المنفي هنا المطر الكثير أو الدائم. والأولى حمله على الجمع الصوري كما تقدم

"وقول الحافظ في الفتح" وإرادة نفي الحرج تقدح في حمله على الجمع الصوري لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج "مردود" بما تقدم من أن الشارع عين الأوقات بعلامات لا تكاد تلتبس على العامة فضلًا عن الخاصة فلا حرج في مراعاتها لمن أراد الجمع الصوري "ولا يقال" إن حمل الجمع في الحديث على ما شملته أحاديث التوقيت من الجمع الصوري طرح لفائدة قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لئلا تحرج أمتي وإلغاء لمضمونه "لأنا نقول" رفع الحرج ليس منسوبًا إلى أقواله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المبينة للأوقات الشاملة للجمع الصوري بل هو منسوب لأفعاله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليس إلا "فقد قالت" عائشة رضي الله عنها ما صلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاة لآخر وقتها مرتين حتى قبضه الله فربما ظنّ ظانّ أن فعل كل صلاة في أول وقتها متحتم لمواظبته صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم على ذلك فكان في جمعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جمعًا صوريًا تخفيف وتسهيل

<<  <  ج: ص:  >  >>