للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السفر (وقالت) الحنفية لا يجوز الوتر على الراحله لوجوبه عندهم بأحاديث يأتي بيانها في بابه إن شاء الله تعالى فلا يجوز على الدابة كالفرض إلا لعذر كما يأتي بيانه. واستدلوا أيضًا بما رواه الطحاوي بسنده إلى حنظلة بن أبي سفيان عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان يصلي على راحلته ويوتر بالأرض ويزعم أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كذلك كان يفعل. وبما رواه أيضًا بسنده عن مجاهد أن ابن عمر كان يصلي في السفر على بعيره أينما توجه به فإذا كان في السحر نزل فأوتر. وبما أخرجه أحمد في مسنده من حديث سعيد بن جبير أن ابن عمر كان يصلي على راحلته تطوّعًا فإذا أراد أن يوتر نزل فأوتر على الأرض

(وأجابوا) عن حديث الباب بأن ابن عمر كان لا يرى وجوب الوتر فكان عنده كسائر التطوعات يجوز فعله على الدابة وعلى الأرض "وعن إيتاره" صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على الدابة بأن ذلك كان قبل إحكام أمر الوتر وتأكيده فلما أحكم وأكد أمره كان يصليه على الأرض أو أن إيتاره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على الدابة كان من خصوصياته.

لكن ما استدلوا به من الروايات لا يستلزم عدم جواز الوتر على الدابة.

وما أجابوا به عن حديث الباب من أن صلاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الوتر على الدابة كان قبل إحكام الوتر وتأكد أمره الخ تفرقة لم يدل عليها دليل صريح. وبأن الأصل عدم الخصوصية لا سيما وأن ابن عمر كان يوتر على الدابة وأنكر على من كان يوتر على الأرض "فقد" روى البيهقي من طريق مالك عن أبي بكر ابن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن سعيد بن يسار أنه قال كنت مع ابن عمر بطريق مكة فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت فقال ابن عمر أليس لك في رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم أسوة حسنة قال بلى قال فإن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يوتر على البعير. ورواه البخاري ومسلم أيضًا. وأخرج البيهقي بسنده إلى جرير ابن حازم قال قلت لنافع أكان ابن عمر يوتر على الراحلة قال وهل للوتر فضيلة على سائر التطوع إي والله لقد كان يوتر عليها

(فالراجح) جواز الوتر على الدابة

(وفي الحديث دليل أيضًا) على أن المكتوبة لا تكون إلى غير القبلة ولا على الدابة وهو مجمع عليه إلا حال العذر كما سيأتي بيانه في الباب الآتي

(والحديث) أخرجه البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي الْجَارُودُ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا سَافَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>