للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعنى ولم يضطجع على الظاهر وإليه مال البخاري حيث ترجم بقوله باب من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع. وترجم له ابن خزيمة بقوله الرخصة في ترك الاضطجاع بعد ركعتي الفجر ويحتمل أنه كان يحدثها وهو مضطجع

(وفي الحديث) حجة للجمهور القائلين بعدم وجوب الاضطجاع كما تقدم. ولا حجة فيه لمن زعم أن الاضطجاع ليس بمشروع لأنه لا يلزم من تركه له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا كانت عائشة مستيقظة عدم المشروعية

(والحاصل) أن العلماء اختلفوا في حكم الاضطجاع بعد ركعتي الفجر على أقوال

"الأول" أنه سنة وهو المروي عن أبي موسى الأشعري ورافع بن خديج وأنس وأبي هريرة وغيرها من الصحابة. ومن التابعين ابن سيرين والفقهاء السبعة. سعيد بن المسيب. وعروة بن الزبير. والقاسم بن محمد. وأبو بكر ابن عبد الرحمن. وخارجة بن زيد بن ثابت. وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة. وسليمان بن يسار وبه قال الشافعي وأحمد

"القول الثاني" أن الاضطجاع واجب لا بد منه وهو قول ابن حزم مستدلًا بالأمر به في حديث أبى هريرة السابق: وتقدم رده

"القول الثالث" أنه بدعة وبه قال عبد الله بن مسعود وابن عمر. فقد روى ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال قال عبد الله بن مسعود ما بال الرجل إذا صلى الركعتين يتمعك كما تتمعك الدابة أو الحمار. إذا سلم فقد فصل "يعني بين السنة والفرض" وروى أيضًا عن مجاهد قال صحبت ابن عمر في السفر والحضر فما رأيته اضطجع بعد ركعتي الفجر. وروى عن ابن المسيب قال رأى ابن عمر رجلًا يضطجع بعد الركعتين فقال احصبوه. وروى البيهقي عن زيد العمى عن أبي الصديق الناجي قال رأى عبد الله بن عمر قومًا قد اضطجعوا بعد الركعتين قبل صلاة الفجر فقال ارجع إليهم فسلهم ما حملهم على ما صنعوا فأتيتهم وسألتهم فقالوا نريد بذلك السنة فقال ابن عمر ارجع إليهم فأخبرهم أنها بدعة اهـ وهذا يبعد ما رواه ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يفعل الاضطجاع. وممن كره ذلك من التابعين الأسود بن يزيد وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وقال هي ضجعة الشيطان. وحكاه القاضي عياض عن مالك وجمهور العلماء. وقالوا إنما كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يضطجع بعد الركعتين للراحة من تعب القيام. وردّ بأنه لا ينافي كونه للتشريع ولاسيما مع وجود الأمر به. ومنهم من قال إن الاضطجاع ليس مقصودًا لذاته بل المقصود منه الفصل بين السنة والفريضة. وردّ بأن الفصل يحصل بغير الاضطجاع كالتحول والتحدث والسلام فلو لم يكن الاضطجاع مقصودًا لذاته لما ورد الأمر به بخصوصه

"القول الرابع" التفرقة بين من يقوم الليل فيستحب له الاضطجاع للاستراحة وبين غيره فلا يشرع له. واختاره ابن العربي. وربما يدل له ما أخرجه الطبراني وعبد الرزاق أن عائشة قالت إنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يضطجع لسنة ولكن كان يدأب ليله فيستريح. لكن لا تقوم به حجة فإن في إسناده راويا لم يسم كما قاله في الفتح. ولأن ذلك منها ظن

<<  <  ج: ص:  >  >>