للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاتك الخ) أي أي الصلاتين قصدت واعتمدت عليها وجئت لأجلها أصلاتك وحدك أم صلاتك معنا فإن كانت التي صليتها وحدك: هي النافلة فالبيت أولى بها من المسجد وإن كانت الفريضة فلم أخرتها وقدمت غيرها فهو استفهام إنكاري الغرض منه تبكيته على صلاته النافلة والإمام في الفريضة. فأيتهما صلاتك مبتدأ وخبر ويحتمل أن يكون أيتهما مفعولًا لفعل محذوف أي قصدت أي الصلاتين وجعلتها صلاتك

(وفي الحديث) دليل علي أن من أدرك الإمام في الفريضة لا يدخل في النافلة وإن ظن أنه يدرك من الفريضة الركعة الأولى مع الإمام. وفيه رد على من قال إن علم أنه يدرك الإمام في الركعة الأولى أو الثانية يبدأ بسنة الصبح. وقالوا إن إنكاره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على الرجل لوصله النافلة بالفريضة وصلاتهما في مكان واحد بلا فاصل بينهما غير السلام وهذا كنهيه من صلى الجمعة عن التطوع بعدها في مكانها حتى يتكلم أو يتقدم. وقالوا أيضًا إن حديث الباب محمول علي أن الرجل صلى ركعتي الفجر مخالطًا للصف فقد روى ابن ماجه من طريق أبي معاوية عن عاصم عن عبد الله بن سرجس أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رأى رجلًا يصلي الركعتين قبل صلاة الغداة وهو في الصلاة اهـ

فإن رؤيته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إياه لا تتأتي إلا وهو في جانب المسجد في الصف الأول. واستدلوا على ما ذهبوا إليه بما رواه الطحاوي من طريق يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مر بعبد الله بن مالك بن بحينة وهو منتصب يصلي بين يدي نداء الصبح فقال لا تجعلوا هذه الصلاة كصلاة قبل الظهر وبعدها واجعلوا بينهما فصلًا اهـ

فظهر بهذا الحديث أن الذي كرهه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لابن بحينة إنما هو وصله الفريضة بالنافلة في مكان واحد من غير فصل يينهما. وفيه أن الحديث ليس صريحًا في أن ابن بحينة كان يصلي ركعتي الفجر بل يحتمل أنه كان يصلي نافلة غيرها قبل الأذان كما يشعر بذلك قوله يصلي بين يدي نداء الصبح. وقالوا أيضًا فيما ذهبنا إليه جمع بين الفضيلتين فضيلة إدراك السنة وفضيلة إدراك الجماعة. وقد ثبت عن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأبي الدرداء أنهم أدّوا سنة الصبح والإمام في الفريضة. فقد روى الطحاوي من طريق عبد الله بن أبي موسى عن عبد الله يعني ابن مسعود أنه دخل المسجد والإمام في الصلاة فصلى ركعتي الفجر. وروى من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر أنه جاء والإمام يصلي الصبح ولم يكن صلى الركعتين قبل صلاة الصبح فصلاهما في حجرة حفصة وصلى مع الإمام. وروى من طريق أبي عثمان الأنصاري قال جاء عبد الله بن عباس والإمام في صلاة الغداة ولم يكن صلى الركعتين فصلى الركعتين خلف الإمام ثم دخل معه. وروى من طريق أبي عبيد الله عن أبي الدرداء أنه كان يدخل المسجد والناس صفوف في صلاة الفجر فيصلي الركعتين في ناحية

<<  <  ج: ص:  >  >>