للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن ذلك المقدار إذا وقعت فيه نجاسة قد يحملها وأما أنه يصير نجسا خارجا عن كونه طاهرا فليس في هذا المفهوم ما يفيد ذلك، ولا ملازمة بين حمل الخبث والنجاسة المخرجة عن الطهورية لأن الشارع قد نفى النجاسة عن مطلق الماء كما في حديث أبي سعيد المتقدّم وما شهد له، ونفاها عن الماء المقيد بالقلتين كما في حديث عبد الله بن عمر المتقدّم أيضا، وكان النفي بلفظ هو أعم صيغ العام فقال في الأول لا ينجسه شئ وقال في الثاني أيضا كما في تلك الرواية لم ينجسه شيء فأفاد ذلك أن كل ماء على وجه الأرض طاهر إلا ما ورد فيه التصريح بما يخصص هذا العام مصرّحا بأنه يصير الماء نجسا كما وقع في تلك الزيادة التي وقع الإجماع عليها فإنها وردت بصيغة الاستثناء من ذلك الحديث فكانت من المخصصات المتصلة بالنسبة إلى حديث أبي سعيد ومن المخصصات المنفصلة بالنسبة إلى حديث عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما على القول الراجح في الأصول وهو أنه يبني العام على الخاص مطلقا، فتقرر بهذا أنه لا منافاة بين مفهوم حديث القلتين وبين سائر الأحاديث بل يقال فيه إن ما دون القلتين إن حمل الخبث حملا استلزم تغير ريح الماء أو لونه أو طعمه فهذا هو الأمر الموجب للنجاسة والخروح عن الطهورية وإن حمله حملا لا يغير تلك الأوصاف فليس ذلك الحمل مستلزما للنجاسة اهـ وقال الشوكاني في الدرر البهية الماء طاهر ومطهر لا يخرجه عن الوصفين إلا ما غير ريحه أو لونه أو طعمه من النجاسات ولا فرق بين قليل وكثير وما فوق القلتين وما دونهما ومتحرّك وساكن، قال شارحه في الروضة الندية لا يخرج الماء عن الوصفين أى عن كونه طاهرا ومطهرا إلا ما غير أحد أوصافه الثلاثة من النجاسات لا من غيرها وهذا المذهب هو أرجح المذاهب وأقواها والدليل عليه ما أخرجه أحمد وصححه وأبو داود والترمذى وحسنه والنسائي وابن ماجه والدارقطني والبيهقي والحاكم وصححه وصححه أيضا يحيى بن معين وابن حزم من حديث أبي سعيد قال قيل يا رسول الله أتتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الماء طهور لا ينجسه شيء، وقد أعله ابن القطان باختلاف الرواة في اسم الراوى له عن أبي سعيد واسم أبيه وليس ذلك بعلة. وقد اختلف في أسماء كثير من الصحابة والتابعين على أقوال ولم يكن ذلك موجبا للجهالة، على أن ابن القطان نفسه قال بعد ذلك الإعلال وله طريق أحسن من هذه ثم ساقها عن أبي سعيد وقد قامت الحجة بتصحيح من صححه من أولئك الأئمة، وله شواهد منها حديث سهل بن سعد عند الدارقطني وحديث ابن عباس عند أحمد وابن خزيمة وابن حبان وحديث عائشة عند الطبراني في الأوسط وأبي يعلى والبزار وابن السكن كلها بنحو حديث أبي سعيد، وأخرجه يزيادة الاستثناء الدارقطني من حديث ثوبان بلفظ الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه، وأخرجه أيضا مع

<<  <  ج: ص:  >  >>