للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآخرون، فال ابن سعد كان ثقة مأمونا عاليا رفيعا فقيها إماما كثير العلم ورعا وكان به صمم وقال الشعبي عليكم بذاك الأصم وقال ابن حبان كان ابن سيرين من أورع أهل البصرة وكان فقيها فاضلا حافظا متقنا وقال بكر المزني والله ما أدركنا من هو أورع منه وقال أحمد وابن معين من الثقات، توفي سنة عشر ومائة وهو ابن سبع وسبعين سنة. روى له الجماعة

(قوله لا يبولنّ أحدكم) يعني أيتها الأمة فيشمل الذكر والأنثى، وأتى بصيغة خطاب المذكر تغليبا وإلا فلا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى

(قوله ثم يغتسل منه) برفع يغتسل على أنه خبر لمبتدأ محذوف أى ثم هو يغتسل والجملة بمنزلة علة النهى أى لا يبولنّ أحدكم في الماء الساكن لأنه يغتسل أو يتوضأ منه بعد، وثم للاستبعاد فكأنه قال كيف يبول فيه وهو يحتاج إليه للغسل أو غيره، وقال ابن مالك يجوز الجزم عطفا على محل يبولن لأنه مجزوم وبني على الفتح لنون التوكيد فيكون المنهى عنه كلا من البول والغسل فيه. واعترضه القرطبي بأنه لو أراد النهى عن كلّ لقال ثم يغتسلن بالتأكيد. وردّ بأنه لا يلزم من تأكيد المنهىّ عنه أنه لا يعطف عليه منهىّ آخر غير مؤكد لاحتمال أن يكون للتأكيد معنى في أحدهما ليس في الآخر، وقال ابن مالك أيضا يجوز النصب بإضمار أن وإعطاء ثم حكم واو الجمع، واعترضه النووى بأنه يقتضي أن المنهى عنه الجمع بينهما دون إفراد أحدهما وهذا لم يقله أحد بل البول فيه منهى عنه سواء أراد الاغتسال فيه أو منه أو لا. وأجاب عنه ابن هشام بأنه إنما أراد إعطاء ثم حكم الواو في النصب لا في المعية وأيضا فإن ما أورده النووي إنما جاء من قبيل المفهوم لا المنطوق وقد قام دليل آخر على عدم إرادته. وقد أجاب ابن دقيق العيد عنه بقوله إنه لا يلزم أن يدلّ على عدّة أحكام لفظ واحد فيؤخذ النهى عن الجمع بينهما من هذا الحديث إن ثبتت، رواية النصب ويؤخذ النهى عن كلّ على حدته من أدلة أخرى كحديث جابر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى عن البول في الماء الراكد رواه مسلم وابن ماجه. وحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا يبولنّ أحدكم في الماء الراكد رواه ابن ماجه وفي رواية له عن ابن عمر مرفوعا لا يبولن أحدكم في الماء الناقع وحديث أبي هريرة مرفوعا لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب رواه مسلم وحديثه الثاني في الباب أفاده الحافظ وغيره (والحاصل) أنه قد ورد النهى عن كل منهما على انفراده وهو يستلزم النهى عن فعلهما جميعا بالأولى وقد ورد النهى عن الجمع بينهما في الحديث الآتي وكذا في هذا إن صحت رواية النصب ويكون دالا على النهى عن كل واحد على رواية الجذم، أما على رواية الرفع فيكون المنهى عنه البول في الماء لما يترتب عليه من نجاسته أو النفرة منه فلا يغتسل منه عند الحاجة إليه وتقدم هذا في حديث لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يغتسل فيه، وقوله منه أى من الماء الدائم وهو هكذا في رواية البخاري من طريق أبي الزناد وكذا لمسلم من

<<  <  ج: ص:  >  >>