للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم ير السجود في المفصل عن زيد بن ثابت قال قرأت على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم النجم فلم يسجد فيها.

ومنها ما رواه البخاري ومالك في الموطأ والبيهقي وأبو نعيم وابن أبي شيبة عن عمر أنه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النحل حتى جاء السجدة فنزل وسجد وسجد الناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال أيها الناس إنا لم نؤمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه.

وفي لفظ إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء. وقال أبو حنيفة يجب سجود التلاوة ويأثم بتركه محتجًا بقوله تعالى فاسجدوا لله واعبدوا وقوله فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون. لكن الآيتان لا تدلان على الوجوب لأن الأمر في الآية الأولى محمول على الندب لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ترك السجدة عند سماع هذه الآية.

ودعوى أنه لم يسجد على الفور غير مسلمة لأنه لم يثبت أنه في تلك المرة سجد بعد. ويؤيده ما تقدم من أنه لم يسجد لما سمع القارئ وقال لو سجدت لسجدنا ولو كان واجبًا لأمره بالسجود. أما الآية الثانية فلا تصلح للاحتجاج أيضًا على الوجوب لاحتمال أن يراد بالسجود سجود التلاوة وأن يراد به الخضوع كما هو المتبادر منها فإنها وردت في ذم الكفار وتركهم لخضوع للقرآن والإيمان به استكبارًا وجحودًا. وقال أبو المعالي إن احتجاج أبي حنيفة بالأوامر الوادرة بالسجود في ذلك لا معنى له فإن إيجاب السجود مطلقًا لا يقتضي وجوبه مقيدًا عند قراءة آية السجدة ولو كان الأمر كما قال لكانت الصلاة تجب عند قراءة الآية التي فيها الأمر بالصلاة, وإذا لم يجد ذلك فليس سجود التلاوة واجبًا عند قراءة الآية التي فيها الأمر بالسجود اهـ.

(الثالثة) لم يذكر في أحاديث سجود التلاوة ما يدل على اشتراط كون الساجد متطهرًا لكن جمهور الفقهاء على اشتراط الطهارة لأن سجود التلاوة صلاة فكان من شرطه الطهارة كسائر الصلوات. قال مالك في الموطأ لا يسجد الرجل ولا المرأة إلا وهما طاهران. واشترطوا أيضًا أن يكون مسلمًا عاقلًا ساترًا للعورة مستقبل القبلة, وقال ابن عمرو الشعبي لا تشترط الطهارة.

وبه قال أبو طالب والمنصور من أهل البيت. وروى ابن أبي شيبة عن أبي عبد الرحمن أنه كان يقرأ السجدة ثم يسجد وهو على غير وضوء إلى غير القبلة وهو يمشي يومئُ إيماء. ومال إلى عدم اشتراط الطهارة صاحب سبل السلام حيث قال الأصل أنه لا تشترط الطهارة إلا بدليل وأدلة وجوب الطهارة وردت للصلاة والسجدة لا تسمى صلاة فالدليل على من اشترط ذلك اهـ.

ومال إلى ذلك أيضًا الشوكاني وقال قد كان يسجد معه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من حضر تلاوته ولم ينقل أنه أمر أحدًا منهم بالوضوء ويبعد أن يكونوا جميعًا متوضئين وقد كان

يسجد معه المشركون وهم أنجاس لا يصح وضوءهم وقد روى البخاري أن ابن عمر كان يسجد

<<  <  ج: ص:  >  >>