للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نص في خلاف ما ذهب إليه الحنفية، وقال أيضا بئر بضاعة لا تبلغ إلي الحدّ الذى يمنع التنجس عندهم (قلت) لا نسلم أن هذين الحديثين نص في خلاف مذهبنا، أما حديث القلتين فلأنه وإن كان بعضهم صححه فإنه مضطرب سندا ومتنا والقلة في نفسها مجهولة والعمل بالصحيح المتفق عليه أقوى وأقرب، وأما حديث بئر بضاعة فإنا نعمل به فان ماءها كان جاريا، وقوله بئر بضاعة لا تبلغ الخ، غير صحيح لأن البيهقي روى عن الشافعى أن بئر بضاعة كانت كثيرة الماء واسعة وكان يطرح فيها من الأنجاس ما لا يغير لها لونا ولا ريحا ولا طعما فإن قالوا حديثكم عام في كل ماء وحديثنا خاص فيما يبلغ القلتين وتقديم الخاص على العام متعين كيف وحديثكم لا بدّ من تخصيصه فإنكم وافقتمونا على تخصيص الماء الكثير المستبحر وإذا لم يكن بدّ من التخصيص فالتخصيص بالحديث أولى من التخصيص بالرأى من غير أصل يرجع إليه ولا دليل يعتمد عليه (قلنا) لا نسلم أن تقديم الخاص على العام متعين بل الظاهر من مذهب أبي حنيفة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُترجيح العام على الخاص في العمل به وقولهم التخصيص بالحديث أولى من التخصيص بالرأى إنما يكون إذا كان الحديث المخصص غير مخالف للإجماع وحديث القلتين خبر آحاد ورد مخالفا لإجماع الصحابة فيردّ، بيانه أن ابن عباس وابن الزبير رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُم أفتيا في زنجيّ وقع في بئر زمرم بنزح الماء كله ولم يظهر أثره في الماء وكان الماء أكثر من قلتين وذلك بمحضر من الصحابة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُم ولم ينكر عليهما أحد منهم فكان إجماعا وخبر الواحد إذا ورد مخالفا للإجماع يردّ، يدل عليه أن على ابن المديني قال لا يثبت هذا الحديث عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكفى به قدوة في هذا الباب وقال أبو داود لا يكاد يصح لواحد من الفريقين حديث عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في تقدير الماء، وقال صاحب البدائع ولهذا رجع أصحابنا في التقدير إلى الدلائل الحسية دون الدلائل السمعيه اهـ بتصرف. وحديث الزنجى الذى أشار إليه ما جاء عن ابن سيرين أن زنجيا مات في بئر زمزم فأمر ابن عباس بإخراجه ونزح مائها فغلبتهم عين جاءت من الركن فأمر بسدّها بالقباطى والمطارف حتى نزحوها ثم انفجرت عليهم عين رواه الدارقطني مرسلا فإن ابن سيرين لم ير ابن عباس وإنما سمع من عكرمة وهو ثقة فالحديث صحيح يحتج به، والقباطي جمع قبطية وهي ثوب رقيق أبيض منسوب إلى القبط، والمطارف أردية من خزّ مفردها مطرف بكسر الميم وضمها أفاده في البحر، وقال ابن دقيق العيد هذا الحديث مما استدل به أصحاب أبي حنيفة على تنجيس الماء الدائم وإن كان أكثر من القلتين فإن الصيغة صيغة عموم وأصحاب الشافعى يخصون هذا العموم ويحملون النهى على ما دون القلتين وعدم تنجيس القلتين فما زاد إلا بالتغير مأخوذ من حديث القلتين فيحمل هذا الحديث العام في النهى على ما دون القلتين جمعا بين الحديثين، وفرق أحمد بين بول

<<  <  ج: ص:  >  >>