للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الطهورية ويتحتم البقاء على البراءة الأصلية ولا سيما بعد اعتضادها بكليات وجزئيات من الأدلة كحديث "خلق الماء طهورا" وحديث مسحه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رأسه بفضل ماء كان بيده وغيرهما كذا في نيل الأوطار وغيره، وقال مالك ومن ذكر معه آنفا إنه طاهر مطهر لقوله تعالى "وأنزلنا من السماء ماء طهورا" ولما سيأتي للمصنف عن الرّبيع بنت معوّذ أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم توضأ فمسح رأسه بفضل ماء في يده، وفي حديث آخر أنه مسح رأسه ببلل لحيته، وعن ابن عباس أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اغتسل فنظر لمعة من بدنه لم يصبها الماء فأخذ شعرا من بدنه عليه ماء فأمرّه على ذلك الموضع أفاده النووى في شرح المهذب، قالوا ولأنه ماء لاقى طاهرا فبقي مطهرا كما لو غسل به ثوب طاهر ولأنه مستعمل لجازت الطهارة به كالمستعمل في تجديد الوضوء ولأن ما أدّى به الفرض مرّة لا يمتنع أن يؤدّى به ثانيا كما يجوز للجماعة أن يتيمموا من موضع واحد، وكما يخرج الطعام في الكفارة ثم يشتريه ويخرجه فيها ثانيا، وكما يصلى في الثوب الواحد مرارا، ولأنه لو لم تجز الطهارة بالمستعمل لامتنعت الطهارة لأنه بمجرّد جريان الماء على بعض العضو يصير مستعملا فإذا سال على باقي العضو ينبغي أن البلل لا يرفع الحدث وهذا متروك بالإجماع فدلّ على أن المستعمل مطهر، وأدلة هذا القول وإن نوقش في بعضها لكن يؤيدها أن طهورية الماء ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع فلا يخرجه عنها إلا دليل صحيح صريح ولا دليل كذلك. وما ذكره أصحاب القول الأول من الأدلة الناقلة للماء المستعمل عن الطهورية فقد علمت أنها غير صالحة للاحتجاج بها على ذلك. قال في الروضة الندية الحق أن المستعمل طاهر ومطهر عملا بالأصل وبالأدلة الدالة على أن الماء طهور لا يخرج عن كونه طهورا بمجرّد استعماله للطهارة إلا إن تغير بذلك ريحه أو لونه أو طعمه، وأن إخراج ما جعله الله طهورا عن الطهورية لا يكون إلا بدليل (يعني ولا دليل) اهـ ملخصا، وقال ابن المنذر روى عن علىّ وابن عمر وأبي أمامة وعطاء والحسن ومكحول والنخعى أنهم قالوا فيمن نسى مسح رأسه فوجد في لحيته بللا يكفيه مسحه بذلك قال وهذا يدل على أنهم يرون المستعمل مطهرا وبه أقول اهـ، وعن أبي حنيفة ثلاث روايات (الأولى) أنه نجس نجاسة مغلظه وهي رواية الحسن بن زياد عنه وهي شاذة غير مأخوذ بها (الثانية) نجس نجاسة مخففة وهي رواية أبي يوسف عنه قال عبد الحميد القاضى أرجو أن لا تثبت رواية النجاسة عن أبي حنيفة (الثالثة) طاهر غير مطهر وهي رواية محمد بن الحسن عنه وهو الصحيح المفتى به عندهم وبه قالت الشافعية، ومن أدلة من قال بالطهارة حديث أبي جحيفة قال خرج علينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالهاجرة فأتي بوضوء فتوضأ فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به رواه الشيخان والنسائي، وحديث أبي موسى

<<  <  ج: ص:  >  >>