للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان قليلًا أفضل من تصديق الغنى بكثير من مال، فهو يدل على أن الفقير الصابر أفضل من الغنى الشاكر وأن عبادة الأول مع قلتها أفضل من طاعة الثاني مع كثرتها

(قوله فأي الهجرة أفضل) أي نوع من أنواع الهجرة أفضل. والهجرة في الأصل مأخوذة من الهجر ضد الوصل ثم غلبت على الخروج من أرض إلى أرض، فإن كان فر لله فهي الهجرة الشرعية، وتطلق أيضًا على ترك المحرمات وهي المرادة هنا بقوله من هجر ما حرم الله عليه أي هجرة من هجر الأمر الذي حرمه الله عليه، فهذه أفضل من الأولى وهي ترك الوطن إلا إذا كان معه أيضًا ترك المحرمات

(قوله من جاهد المشركين بما له ونفسه) يدخل فيه جهاد الكافرين والمبتدعين بإبطال مذاهبهم وشبههم بالحجج القاطعة باللسان والكتابة، ولا ينافيه حديث أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جاثر رواه المصنف والترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد لأن الأفضلية نسبية أو أن جهاد الكفار بالنفس والمال أشق

(قوله من أهريق دمه) أي أريق وسفك فالهاء زائدة

(قوله وعقر جواده) أي ضربت قوائمه بالسيف، والجواد من الخيل يطلق على الذكر والأنثى، وكان هذا أشرف لأنه جاهد بنفسه

(وفي الحديث) دليل على الحث على طول القيام في الصلاة والترغيب في الصدقة وأنها من الفقير أفضل منها من الغنى، والحث على ترك المحرمات وعلى الجهاد والترغيب منه.

(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والحاكم وابن حبان مختصرًا، وأخرجه ابن خزيمة والبيهقي من طريق أحمد بن الوليد ثنا حجاج قال قال ابن جريج حدثني عثمان بن أبي سليمان الأزدي عن عبيد بن عمير عن عبد الله بن حبشي أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سئل أي الأعمال أفضل قال إيمان لا شك فيه وجهاد لا غلول فيه وحجة مبرورة، قيل أي الصلاة أفضل قال طول القيام، قيل فأي الصدقة أفضل قال جهد من مقل، قيل فأي الهجرة أفضل قال من هجر ما حرم الله عليه، قيل فأي الجهاد أفضل قال من جاهد المشركين بما له ونفسه، قيل فأي القتل أشرف قال من أهريق دمه وعقر جواده اهـ.

[باب الحث على قيام الليل]

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ نَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ نَا الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ "رَحِمَ الله رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا الْمَاءَ رَحِمَ الله امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ في وَجْهِهِ الْمَاءَ".

<<  <  ج: ص:  >  >>