للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في نفسه مكملًا لغيره ولكن لا بد من تقييد التعلم والتعليم بالإخلاص ولا يتوهم أن العمل خارج عنهما فقد أجمعوا على أن من عصى الله فهو جاهل، ثم الخطاب عام لا يختص بالصحابة ولا يقال يلزم عليه أن يكون المقرئ أفضل من الفقيه لأن المخاطبين بذلك كانوا فقهاء فقد كانوا من أهل اللسان يعلمون معاني القرآن بالسليقة أكثر ممن يعلمها بالإكتساب فكان الفقه لهم سجية فمن كان مثلهم شاركهم في ذلك بخلاف من يقرأ القرآن ويقرئه قراءة محضة ولا يفهم معانيه.

قال في الفتح (فإن قيل) يلزم أن يكون المقرئ أفضل ممن هو أعظم عناء في الإِسلام بالمجاهدة والرباط والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مثلًا (أجيب) بأن مدار المسألة على كثرة النفع المتعدي وقلته، فمن كان نفعه أكثر كان أفضل، فلعل من مقدرة في الخبر أو أن الخيرية في الحديث وإن أطلقت فهي مقيدة بجماعة مخصوصين خوطبوا بذلك لأنه اللائق بحالهم أو أن التفضيل بالنسبة لمتعلم غير القرآن فإن القرآن خير الكلام فمتعلمه خير من متعلم غيره وكيفما كان فهو مخصوص بمن علم وتعلم اهـ بتصرف.

وسئل الثوري عن الجهاد وإقراء القرآن فرجح الثاني واحتج بحديث الباب ونحوه. والقرآن يطلق على كله وبعضه. ويصح إرادة المعنى الثاني هنا بمعنى أن من وجد منه التعليم والتعلم ولو آية كان خيرًا ممن ليس كذلك. وكان من تعلم القرآن وعلمه أفضل من غيره لأن خير الكلام كلام الله وخير الناس بعد النبيين من تعلم القرآن وعلمه مع الإخلاص فيهما، فمن حاز خير الكلام وتسبب مع ذلك أن يكون غيره مثله فقد تحققت له وراثة الأنبياء وكان من جملة الصديقين القائمين بحقوق الله تعالى وحقوق عبادة. فقد روى الحاكم أن من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحى إليه. وروى النسائي وابن ماجه والحاكم (أهل القرآن هم أهل الله وأولياؤه)

قال في الفتح القرآن أشرف العلوم فيكون من تعلمه وعلمه لغيره أشرف ممن تعلم غير القرآن وهل التشاغل بتعلم القرآن وحفظه من غير فهم للمعنى كما يقع من كثير من قراء زماننا أفضل أو التشاغل بتعلم الأحكام الشرعية أصولًا وفروعًا؟ . قال ابن الجوزي تعلم اللازم منهما فرض على الأعيان وتعلم جميعهما فرض على الكفاية إذا قام به قوم سقط عن الباقين فإن فرضنا الكلام في الزائد منهما على قدر الواجب في حق الأعيان فالمتشاغل بالفقه أفضل وذلك راجع إلى حاجة الإنسان لأن الفقه أفضل من القراءة. وكان القارئ في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هو الأفقه فلذلك قدم القارئ في الصلاة اهـ.

(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي.

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>