للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ربه فإنه متعبد بالدعاء كما هو متعبد بالتسليم والتفويض وروى الترمذي والحاكم من حديث عبادة بن الصامت مرفوعًا "ما على الأرض مسلم يدعو بدعوة إلا أتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها" وفي حديث أبي هريرة عند أحمد إما أن يعجلها له وإما أن يدخرها له. وله من حديث أبي سعيد مرفوعًا "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة, وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها (فان قلت) إن الداعي لا يعرف ما قدر له: فدعاؤه إن كان على وفق المقدر فلا داعي له لحصول المقصود ألبتة, وإن كان على خلاف المقدر فلا فائده له لأن المقدر لا بد من حصوله

(فالجواب) أن الدعاء عبادة لما فيه من الخضوع وإظهار الاحتياج لله تعالى. وفائده تحصيل الثواب بامتثال الأمر وقد روى الترمذي عن ابن عمر مرفوعًا (الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل. فعليكم عباد الله بالدعاء) أي لاحتمال أن يكون حصول المدعو به موقوفًا على الدعاء, قال القشيرى في الرسالة اختلف أي الأمرين أولى الدعاء أو السكوت والرضا: فقيل الدعاء وهو الذي ينبغي ترجيحه وتشهد له الأدلة لما فيه من إظاهر الخضوع والافتقار: وقيل السكوت والرضا أولى لما في التسليم من الفضل (وحديث الباب) يدل على أن إجابة الدعاء مشروطة بعدم استعجالها. وهناك شروط أخرى: منها ألا يدعو بحرام كأن يدعو بالشر على غير مستحقه: وألا يدعو بمحال ولو عادة فإنه تعالى أجرى الأمور على العادة, فالدعاء بخرقها تحكم على القدرة القاضية بدوامها واعتداء في الدعاء وأن يكون موقنًا بالإجابة مقبلًا بكليته على الله تعالى وقت الدعاء فقد روى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله تعالى لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" وألا يكون فيما سأله غرض فاسد كمال وطول عمر للتفاخر وألا يشغل عن أداء فرض وألا يستعظم حاجته على الله تعالى وألا يكون مطعمه أو ملبسه من حرام وتقدم بعض هذه الشروط في باب "باب الدعاء في الركوع والسجود" من الجزء الخامس

(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم وابن ماجه والترمذي

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ نَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيْمَنَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "لاَ تَسْتُرُوا الْجُدُرَ مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>