للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذْنِهِ فَإِنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ سَلُوا اللَّهَ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ وَلاَ تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا فَإِذَا فَرَغْتُمْ فَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُمْ".

(ش) (قوله عمن حدثه) هو أبو المقدم هشام بن زياد قال في تهذيب التهذيب في المبهمات عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمَّد بن كعب القرظي عن ابن عباس: الحديث مشهور برواية أبي المقدام هشام بن زياد عن محمَّد بن كعب, وقال في التقريب في المبهمات عبد الله بن يعقوب عمن حدثه عن محمَّد بن كعب يقال هو أبو المقدام هشام بن زياد, وقد تقدم هذا السند في "باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام" من الجزء الخامس

(قوله لا تستروا الجدر) جمع جدار أي لا تغطوها بالثياب ونهى صلى الله عليه واله وسلم عن ذلك لما فيه من الإسراف والتفاخر والعظمة, ومحل النهي إذا كان لغير مصلحة أما إذا كان لها كدفع برد أو حر فهو جائز ونقل النووي أن الستارة إذا كانت من حرير حرمت وإلا كرهت

(قوله فإنما ينظر في النار) أي ينظر فيما يوجب عليه دخول النار وقال الخطابي هو تمثيل يقول كما يحذر النار فليحذر هذا الصنيع: إذ كان معلومًا أن النظر إلى النار والتحديق فيها يضر بالبصر والكتاب عام يشمل كتاب العلم وغيره وقال بعضهم أراد به الكتاب الذي فيه أمانة أو سر يكره صاحبه أن يطلع عليه أحد دون كتاب العلم, فإنه لا يحل منعه لأنه كتمان للعلم. وفيه نظر فإنه إنما يأثم بكتمان العلم الذي يسأل عنه ولا إثم في حبس كتابه عن غيره فإن كتب العلم من قبيل المال الذي يجب حفظه وإطلاق الأيدي عليها يؤدي إلى تلفها أو نقصان قيمتها, فلا يجب بذلها للغير إلا إذا تعينت طريقًا للعلم وعجز المحتاج للتعلم عن قيمتها. فالظاهر تعميم منع النظر في كتب الغير مطلقًا إلا بأذن صاحبها

(قوله سلوا الله ببطون أكفكم) يعني سلوه مع بسط أكفكم إلى السماء فالباء فيه للمصاحبة وأمر صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك لأن هذه الهيئة تشعر بالتذلل والخضوع والاحتياج إلى الله تعالى

(قوله ولا تسألوه بظهورها) نهى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن ذلك لأن هذه الكيفية تشعر بعدم الرغبة فيما يسأله وعدم الاعتناء به

(وظاهر الحديث) أن الداعي يدعو على هذه الحاله لا فرق بين أن يدعو لجلب خير أو دفع شر كما قال الطيبي: وحمل ابن حجر الحديث على ما إذا كان الدعاء بخير قال: لأن اللائق لطالب شيء يناله أن يمد كفه إلى المطلوب منه ويبسطها متضرعًا ليملأها من عطائه الكثير المؤذن به رفع اليدين جميعًا إليه أما إذا كان لدفع شر فالسنة أن يرفع إلى السماء ظهور كفيه اتباعًا له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وحكمته التفاؤل في الأول بحصول المأمول وفي الثاني بدفع المحذور ببعض تصرف من المرقاه

(قوله فامسحوا بها وجوهكم) أي امسحوا ببطون الأكف وجوهكم بعد الفراغ من الدعاء

<<  <  ج: ص:  >  >>