للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنقه ولم يقتل لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رسول غيره فاشتد ذلك عليه حين بلغه الخبر فبعث البعث واستعمل عليه زيد بن حارثه وقال: إن أصيب فجعفر بن أبي طالب على الناس فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة فتجهز الناس وهو ثلاثه آلاف حضر خروجهم ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عليهم فبكى عبد الله بن رواحة فقالوا ما يبكيك؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم ولكني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتمًا مقضيًا) فلست أدرى كيف لي بالصدر بعد الورود فقال المسلمون صحبكم الله بالسلامة ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين فقال عبد الله بن رواحة

لكننى أسأل الرحمن مغفرة ... وضربه ذات قرع تقذف الزبدا

أو طعنة بيدي حران مجهزة ... بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا

حتى يقال إذا مروا على جدثي ... أرشده الله من غاز وقد رشدا

ثم مضوا حتى نزلوا معان فبلغ الناس أن هرقل بالبلقاء في مائه ألف من الروم وانضم إليهم من لخم وجذام وبلقين وبهراء مائه ألف, فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على معان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا نكتب إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فنخبره بعد عدونا فإما أن يمدنا بالرجال وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له فشجع الناس عبد الله بن رواحة فقال يا قوم: والله الذي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة, وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا به الله فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين: إما ظفر وإما شهادة فمضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم الجموع بقرية يقال لها مشارف فدنا العدو وانحاز المسلمون إلى مؤته فالتقى الناس عندها فصف المسلمون ثم اقتتلوا والراية في يد زيد بن حارثه فلم يزل يقاتل حتى شاط في رماح القوم وخر صريعًا, وأخذها جعفر فقاتل حتى إذا أرهقه القتال اقتحم عن فرسه فعقرها, فكان جعفر أول من عقر فرسه في الإِسلام عند القتال ثم قاتل فقطعت يمينه, فأخذ الراية بيساره فقطعت يساره فاحتضن الراية وقاتل حتى قتل وله ثلاث وثلاثون سنة, ثم أخذها عبد الله بن رواحة وتقدم بها وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ثم نزل فأتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال شد بها صلبك فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت فأخذه من يده فانتهس منه نهسه ثم سمع الحطمة في ناحية الناس فقال وأنت في الدنيا؟ ثم ألقاه من يده ثم أخذ سيفه وتقدم فقاتل حتى قتل ثم أخذ الراية ثابت بن قرم أخو بني عجلان فقال: يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم قالوا أنت قال ما أنا بفاعل فاصطلح الناس على خالد بن الوليد فلما أخذ الراية دافع القوم وحاشر بهم

<<  <  ج: ص:  >  >>