للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمصنف بعد, ظاهر في أن الأجر المذكور يحصل لمن خرج مع الجنازة من بيتها, قال الحافظ على حديث البخاري "من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط" الحديث: لم يبين في هذه الرواية ابتداء الحضور, وقد تقدم بيانه رواية أبي سعيد المقبري حيث قال من أهلها وفي رواية خباب عند مسلم من خرج مع جنازة من بيتها, ولأحمد في حديث أبي سعيد الخدري فمشى معها من أهلها ومقتضاه أن القيراط يختص بمن حضر من أول الأمر إلى انقضاء الصلاة, وبذلك صرح المحب الطبري وغيره, والذي يظهر لي أن القيراط يحصل لمن صلى فقط لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها, لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط من شيع وصلى, ولما رواه مسلم: من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط, وما رواه أحمد عن أبي هريرة من صلى ولم يتبع فله قيراط فدل على أن الصلاة تحصل القيراط وإن لم يقع اتباع اهـ بتصرف

(قوله ومن تبعها حتى يفرغ منها الخ) أي يفرغ من دفنها. وظاهرة أن هذين القيراطين غير قيراط الصلاة وبذلك جزم بعض المتقدمين. وحكاه ابن التين عن القاضي أبي الوليد. ولكن روى الشيخان عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا وكان معه حتى يصلي عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد, ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط. وهذه صريحة في أن الحاصل من الصلاة والدفن قيراطان فقط.

ويمكن الجمع بين هذه وبين قول المصنف "ومن تبعها حتى يفرغ منها فله قيراطان أي بقيراط الصلاة" ونظيره قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل, ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله" أي بانضمام صلاة العشاء وظاهر المصنف أيضًا أن حصول قيراط الدفن متوقف على الفراغ منه.

ويؤيده ما رواه مسلم عن أبي هريرة من طريق الزهري وفيه "من اتبعها حتى تدفن فله قيراطان" وكذا ما رواه الترمذي, وفيه حتى يقضى دفنها وما رواه أبو عوانه وفيه حتى يسوى عليها أي التراب. وهي أصرح الروايات في ذلك وقيل يحصل القيراط بمجرد الوضع في اللحد. يدل له ما رواه مسلم من حديث عبد الرازق عن أبي هريرة وفيه حتى توضع في اللحد. وفي رواية له عنه من طريق أبي حازم حتى توضع في اللحد.

وفي رواية له عنه من طريق أبي حازم حتى توضع في القبر. ويمكن حمل هذه الروايات المطلقة عن التقييد بالفراغ من الدفن وتسوية التراب على المقيدة بهما.

قال في النيل وهو الظاهر ومحل حصول هذا الأجر لمن فعل ذلك إذا قصد بهذا العمل وجه الله تعالى أخذًا من حديث أبي هريرة المذكور, بخلاف من فعل ذلك رياء أو مكافأه فإنه لا يستحق الأجر المذكور

(قوله فله قيراطان) تثنية قيراط بالتشديد لأنه يجمع على قراريط, فأبدل من إحدى الراءين ياء للتخفيف, وهو نصف دانق, والدانق سدس الدرهم, فالدرهم ستة

<<  <  ج: ص:  >  >>