للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما وقع في كلام كثير من الأصوليين من أن الجواب يجب أن يكون مطابقا للسؤال فليس المراد بالمطابقة عدم الزيادة بل المراد أن الجواب يكون مفيدا للحكم المسئول عنه، وفي قوله الحلّ ميتته دليل على حل جميع ميتة البحر حتى كلبه وخنزيره وإنسانه (وللعلماء) في المسألة تفصيل قال العيني احتج مالك والشافعى وأحمد بهذا الحديث على أن جميع ما في البحر حلال إلا الضفدع في رواية عن أحمد والشافعي، وعنهم لا يحلّ في البحر ما لا يحلّ مثله في البرّ، وقال أصحابنا لا يؤكل من حيوان الماء إلا السمك بأنواعه لقوله تعالى "ويحرم عليهم الخبائث" وما سوى السمك خبيث، والجواب عن الحديث أن الميتة فيه محمولة على السمك بدليل قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أحلت لنا ميتتان ودمان أما الميتتان فالسمك والجراد الحديث اهـ وكذا لا يحلّ عند الحنفية السمك الطافي على وجه الماء وهو ما مات بلا سبب ثم علا وبطنه من فوق أما ما يكون ظهره من فوق فلا يكون طافيا فيؤكل كما يؤكل ما في بطن الطافي وما مات بسبب كبرد الماء وحرّه. وأصل ذلك ما جاء عن جابر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه رواه المصنف في "باب الطافي من السمك من كتاب الأطعمة" وما يعيش في البحر وغيره كالضفدع والسلحفاة في حله خلاف عند المالكية. قال الباجى في شرح الموطأ والحيوان جنسان بحرى وبرّى أما البحرى فنوعان نوع لا تبقى حياته في البرّ كالحوت ونوع تبقي حياته في البرّ كالضفدع والسرطان والسلحفاة، فأما الحوت فإنه طاهر مباح على أىّ وجه فاتت نفسه، وبهذا قال مالك والشافعى. وقال أبو حنيفة ما مات منه حتف أنفه فإنه غير مباح. والدليل على صحة قولنا قوله تعالى "أحل لكم صيد البحر وطعامه" قال عمر بن الحطاب رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وهو من أهل اللسان صيده ما صدته وطعامه ما رمي به، وقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في البحر "هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته" واسم الميتة إذا أطلق في الشرع فإنما يطلق على ما فاتت نفسه من غير ذكاة ولذلك قال تعالى "حرمت عليكم الميتة" وأما ما تدوم حياته كالضفدع والسلحفاة فهو عند مالك طاهر حلال لا يحتاج إلى ذكاة، وقال ابن نافع هو حرام نجس إن مات حتف أنفه، ووجه قول مالك أن هذا من دوابّ الماء لا يفتقر إلى ذكاة كالحوت، ووجه قول ابن نافع أنه حيوان تبقى حياته في البر كالطير اهـ وعند الحنابلة يحلّ أكل جميع حيوان البحر إلا الضفدع والحية والتمساح قال في كشاف القناع شرح الإقناع (ويباح جميع حيوانات البحر) لقوله تعالى "أحل لكم صيد البحر الآية" وقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما سئل عن ماء البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته رواه مالك (إلا الضفدع) بكسر الضاد والدال والأنثى ضفدعة ومنهم من يفتح الدال نص عليه واحتج بأن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى عن قتله رواه أحمد وأبو داود والنسائي، ولاستخبائها فتدخل في قوله تعالى "ويحرّم عليهم الخبائث" (والحية) لأنها من الخبائث

<<  <  ج: ص:  >  >>