للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قام يصلى فأدركه شخصان منهم فصفهما خلفه ثم صلى بنا فقلت من هؤلاء يا رسول الله قال جنّ نصيبين رواه أحمد

(قوله ما في إداوتك) أي أيّ شئ في مطهرتك، وإداوة بكسر الهمزة إناء صغير من جلد يتخذ للماء وجمعها إداوي بفتح الواو، وفي نسخة ماذا في إداوتك أى ما الذى فيها على أن ما استفهامية وذا موصولة أو ما فيها على أن ماذا كلها استفهامية أو ما استفهامية وذا زائدة

(قوله تمرة طيبة) تمرة خبر لمبتدإ محذوف وطيبة صفة أى هو تمرة طيبة، والمراد أن النبيذ ناشئ من تمرة طيبة ليس فيها ما يمنع التطهر بالماء الذى ألقيت فيه، والطيب خلاف الخبيث

(قوله وماء طهور) بفتح الطاء أى مطهر، زاد الترمذى وابن ماجه فتوضأ منه، وفي مسند أحمد فتوضأ منه وصلى (وبهذا) الحديث احتج أبو حنيفة والثورى على أن من لم يجد إلا نبيذ تمر رقيقا يسيل على الأعضاء حلوا غير مسكر ولا مطبوخ يتوضأ به ولا يتيمم. وقال محمد يجمع بين الوضوء والتيمم وقال أبو يوسف يتيمم ولا يتوضأ به، وقد رجع إليه أبو حنيفة وهو قول الجمهور وباقى الأئمة واختاره الطحاوي وقال ما ذهب إليه أبو حنيفة أوّلا اعتمادا على حديث ابن مسعود لا أصل له اهـ وبرجوع الإمام إليه صار هو المذهب لأن المجتهد إذا رجع عن قول لا يجوز الأخذ به كما في البحر عن التوشيح، وقال الترمذى قول من يقول لا يتوضأ بالنبيذ أقرب إلى الكتاب وأشبه لأن الله تعالى قال "فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا" اهـ (ومما) تقدم تعلم أن محل الخلاف نبيذ تمر رقيق حلو غير مسكر ولا مطبوخ لأنه قبل ظهور حلاوته يجوز الوضوء به بلا خلاف والمسكر وغير الرقيق لا يجوز الوضوء به اتفاقا وكذا المطبوخ ونبيذ غير التمر على الصحيح لأن جواز التوضؤ بنبيذ التمر ثابت بالحديث على خلاف القياس فلا يقاس عليه غيره (وقال) في البحر الرائق وبالجملة فالمذهب المصحح المختار المعتمد عندنا هو عدم الجواز موافقة للأئمة الثلاثة فلا حاجة إلى الاشتغال بحديث ابن مسعود الدال على الجواز لأن من العلماء من تكلم فيه وضعفه وإن أجيب عنه بما ذكره الزيلعى المخرّج وغيره، وعلى تقدير صحته فهو منسوخ بآية التيمم لتأخرّها إذ هي مدنية وعلى هذا مشى جماعة من المتأخرين اهـ وعلى فرض عدم نسخه فيحمل على أن الماء لم يتغير بوضع التمر فيه لأنهم كانوا يضعونه فيه لجذب ملوحته وتطيب طعمه ليوافق أمزجتهم، يدلّ عليه ما في الدارقطني من قول أبي العالية أنبذتكم هذه الخبيثة إنما كان ذلك زبيبا وماء، وسيأتى حديثه في آخر الباب

(قوله عن أبي زيد الخ) أى قال سليمان في روايته عن شريك عن أبي زيد أو زيد بالشك، أما هناد فقال في روايته عن شريك عن أبي زيد بلا شك ولم يذكر في روايته لفظ ليلة الجنّ وإنما ذكرها سليمان.

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مرسل إلى الجن أيضا فلذا أتت إليه وعلمهم، وعلى أنه يطلب من الشخص أن يستعدّ لما عساه أن يحتاج إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>