للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنازة فلان الفلاني كان يحب الله ورسوله ويعمل بطاعة الله ويسعى فيها

(قوله وجبت) أي ثبتت له الجنة أو المغفرة فالمراد بالوجوب الثبوت لا التحتم لأن الله تعالى لا يجب عليه شيء بل الثواب بمحض فضله تعالى والعقاب بمحض عدله

(قوله فأثنوا شرًا) وفي نسخة فأثنوا عليها شرًا أي ذكروها بشر. وقد بين الشر في رواية للحاكم عن أنس قال ومر بجنازة أخرى قالوا جنازة فلان الفلاني يبغض الله ورسوله ويعمل بمعصية الله ويسعى فيها. وذكر الثناء في جانب الشر مشاكلة وإلا فالثناء لا يستعمل إلا في الخير على اللغة الفصحى

"فإن قيل كيف" مكنهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ذكر مساوى الميت وقد قال (اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم) رواه الترمذي عن ابن عمرو. وسيأتي للمصنف في "باب النهي عن سب الموتى" من كتاب الأدب: وفيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (إذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه). وأخرج عنها البخاري والنسائي أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا وروى النسائي عنها لا تذكروا هلكاكم إلا بخير.

"أجيب" بأن النهي عن ذكر مساوي الأموات في غير المنافق والكافر والمجاهر بالفسق والبدعة أما هؤلاء فيجوز ذكر مساويهم ليتحرز من طريقتهم فحديث الباب مخصص لأحاديث النهي المذكورة. وأل في الأموات وكذا الإضافة في قوله اذكروا محاسن موتا كم وكفوا عن مساويهم للعهد والمعهود المسلمون المخلصون. وقيل إن الأمر بالكف عن مساوي الميت خاص بغير الكافر والمنافق فإن المؤمن الفاسق وإن جاز ذكر مساويه حال حياته ليبتعد عنها ويحذره الناس لا يجوز ذكرها بعد وفاته إذ لا فائدة فيه حينئذ خصوصًا مع احتمال أنه مات تائبًا, ولذا قال الجمهور لا يجوز لعن يزيد بن معاوية والحجاج الثقفي. والميت الذي ذكروه بالشر بحضرة النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان من المنافقين لما تقدم في رواية الحاكم أنه كان يبغض الله ورسوله. وقال القرطبي يحتمل أن يكون النهي عن سب الموتى متأخرًا عن حديث الباب وأشباهه فيكون ناسخًا له ولا يخفى بعده لأنه لا يصار إلى النسخ إلا عند عدم إمكان الجمع وقد أمكن كما علمت

(قوله وجبت) أي ثبتت له النار واستحق دخولها أو العقوبة وفي رواية البخاري والبيهقي عن أنس قال مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرًا فقال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وجبت ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرًا فقال وجبت فقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ما وجبت؟ قال هذا أثنيتم عليه خيرًا فوجبت له الجنة وهذا أثنيتم عليه شرًا فوجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض

(قوله إن بعضكم على بعض شهيد) وفي نسخة شهداء وعند الشيخين أنتم شهداء الله في الأرض وفي رواية المؤمنون شهداء الله في الأرض يعني أن الله يقبل شهادة المؤمنين بعضهم على بعض ويحكم بمقتضاها

<<  <  ج: ص:  >  >>