للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبي طالب والزبير بن العوام. وما قيل من أن عليًا بايعه بعد موت فاطمة وقد ماتت بعد أبيها بستة أشهر، فذاك محمول على أنه بيعة ثانية أزالت ما كان قد وقع من وحشته بسبب الكلام في الميراث اهـ.

فإن الأحاديث الصحيحة صريحة في أنه لم يبايع مع السابقين، وبهذا تم إجماع الصحابة على بيعة أبي بكر. وأدى الطاعة إليه وإلى الخلفاء من بعده عليّ رضي الله عنه إلى أن انتهت الخلافة إليه، فقام بها على أحسن وجه وأكمل حال.

وقد تحزب قوم للبيعة لعلي وادعوا أنه أحق بالخلافة من غيره، وأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أوصى إليه بها، وتعاموا عن الدلائل الكثيرة الصحيحة الصريحة في خلافة أبي بكر: أقواها بعد الإجماع إنابته صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم أبا بكر إمامًا في الصلاة. وقد قال عليّ رضي الله عنه رضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لديننا

(قوله وكفر من كفر من العرب) أي ارتد عن الدين من أراد الله كفره، فأنكروا الشرائع وتركوا الصلاة ومنعوا الزكاة وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية. وممن ارتد أسد وغطفان وبنو حنيفة باليمامة وأهل البحرين وأزد عمان ومن قاربهم من قضاعة وعامة بني تميم وبعض بني سليم.

وثبت على الإِسلام أهل المدينة: ثبتهم الله بأبي بكر.

وأهل مكة: ثبتهم الله بسهيل بن عمرو، فإنه قد خطبهم بمثل ما خطب أبو بكر يوم وفاة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وقد أخبر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بذلك يوم بدر، فقد قال لعمر حين أراد نزع ثنية سهيل المذكور: دعه يا عمر فعسى أن يقوم مقامًا تحمده عليه ولا تذمه.

وثبتت ثقيف بالطائف: ثبتهم الله بعثمان بن أبي العاص فقد قام فيهم بمثل ما قام به سهيل. وممن ثبت على الإِسلام أسلم وغفار وجهينة ومزينة وأشجع وهوازن وجشم وأهل صنعاء وغيرها.

وظهر بادعاء النبوة مسيلمة الكذاب من بني حنيفة وطليحة الأسدي وسجاح بنت الحارث وأسود العنسي باليمن.

وأقر قوم بالصلاة ومنعوا الزكاة إما لشبهة لهم في المنع، فقد روى أنهم قالوا إنما كنا نؤدى زكاتنا لمن كانت صلاته سكنًا لنا لآية "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم" وقد توفي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقالوا: لا نؤديها لغيره فهم مسلمون أهل بغي، وعليه فإطلاق الكفر عليهم تغليظ، وإما منكرين وجوبها. ومنهم من لم يمنع الزكاة إلا أن رؤساءهم صدوهم عن دفعها وقبضوا على أيديهم كبني يربوع، فقد جمعوا صدقاتهم وأرادوا إرسالها إلى أبي بكر فمنعهم مالك بن نويرة من ذلك وفرقها فيهم، فعظم الأمر على المسلمين واشرأبت أعناق المشركين، فأسرع أبو بكر رضي الله عنه في تلافي الأمر وأمر بعقد أحد عشر لواء لأحد عشر قائدًا: منهم خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل وعمرو بن العاص، فقاتلوا أهل الردة حتى رجعوا إلى الإِسلام. وقاتلوا المتنبئين حتى قتل مسيلمة باليمامة والأسود العنسي بصنعاء وهرب طليحة

<<  <  ج: ص:  >  >>