للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإضافة خمس إلى ذود. وحذفت التاء من اسم العدد لأنّ الذود مؤنث على ما قاله أبو عبيد وغيره من أهل اللغة. وإن كان المراد به في الحديث ما يعم المذكر وغيره، وروي بتنوين خمس فيكون ذود بدلًا منه، والذود بفتح الذال المعجمة وسكون الواو بعدها دال مهملة من الثلاثة إلى العشرة من الإبل، ولا واحد له من لفظه كالقوم والرهط وهو قول الأكثر، وقيل من الثنتين إلى التسع وقيل غير ذلك.

والمراد خمس من الذود لا خمس أذواد لما سيأتي للمصنف في "باب زكاة السائمة" عن ابن عمر أن في كتاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: في خمس من الإبل شاة، وفي عشر شاتان الحديث. والصدقة اسم لما يعطيه الإنسان لغيره مريدًا به الثواب من الله تعالى. والمراد بها هنا الزكاة الواجبة

(قوله وليس فيما دون خمس أواق صدقة) أواق بالتنوين وحذف الياء وكذا في رواية البخاريُّ. وفي رواية لمسلم بإثبات الياء مشددة، وكلاهما جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء. قال ابن السكيت: كل ما كان من هذا النوع واحدة مشددًا جاز في جمعه التشديد والتخفيف. وحكي وقية بحذف الهمزة وفتح الواو ويجمع على وقايا مثل ضحية وضحايا. واتفقوا على أن مقدارها أربعون درهمًا وهي أوقية الحجاز فتكون الأواقي الخمس مائتي درهم. وهو نصاب الفضة بدرهم الوزن المتعارف الذي يبلغ به الرطل المصري مائة وأربعًا وأربعين درهمًا، وهذا هو الدرهم الذي قدر به نصاب الزكاة والديات وغيرها

(وفي الحديث) دلالة على أن الأوقية كانت معلومة لمن خاطبهم النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وإلا لبينها لهم ولم يكلهم إلى شيء مجهول، وكذا الدرهم كان معلومًا لهم.

قال القاضي عياض: لا يصح أن تكون الأوقية والدراهم مجهولة في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم وهو يوجب الزكاة في أعداد منها، ويقع بها البياعات والأنكحة كما ثبت في الأحاديث الصحيحة. وبهذا يتبين بطلان قول من زعم أن الدراهم كانت مجهولة إلى زمن عبد الملك بن مروان وأنه جمعها برأي العلماء وجعل كل عشرة وزن سبعة مثاقيل، ووزن الدرهم ستة دوانق، وإنما معنى ما نقل من ذلك أنه لم يكن منها شيء من ضرب الإِسلام وعلى صفة لا تختلف بل كانت مجموعات من ضرب فارس والروم صغارًا وكبارًا وقطع فضة غير مضروبة ولا منقوشة ويمنية ومغربية فرأوا صرفها إلى ضرب الإِسلام ونقشه وتعييرها وزنا واحدًا لا يختلف وأعيانًا يستغنى بها عن الموازين فجمعوا أكبرها وأصغرها وضربوها علي وزنهما ولا شك أن الدراهم كانت حينئذ معلومة وإلا فكيف كانت تتعلّق بها حدود الله تعالى والزكاة وغيرها وحقوق العباد اهـ

ومنه يعلم أن الدرهم المعتبر في الزكاة وغيرها هو درهم الوزن المتعارف الآن وأنه لا اختلاف فيه. أما الدرهم الذي اختلف في زمن ضربه في الإِسلام فهو درهم المعاملة وهو مختلف في الجودة والرداءة. ثم إن الدرهم المتعارف يزن ٣.١٢ ثلاث جرامات واثني

<<  <  ج: ص:  >  >>