للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمة فلا يجوز إسقاطه إلا بمثله. وبعد مائة وعشرين اختلفت الآثار فلا يجوز إسقاط ذلك الواجب عند اختلافها بل يؤخذ بحديث عمرو بن حزم. ولا تعارض بينه وبين حديث الباب لأن ما يثبته هذا الحديث من التنصيص على عود الفريضة لا يتعرض حديث الباب لنفيه حتى يتعارضا. إنما فيه إذا زاد على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة وهم يقولون به لأن الواجب في الأربعين هو الواجب في ست وثلاثين والواجب في الخمسين هو الواجب في ست وأربعين. ولم يتعرض حديث الباب لنفي الواجب عما دون الأربعين ويوجبه حديث عمرو ابن حزم. وتحمل الزيادة في حديث الباب على الكثيرة جمعًا بين الأحاديث.

على أن حديث الباب متكلم فيه بما يدفع الاحتجاج به. فإن الدارقطني ذكر في كتاب التتبع على الصحيحين أن ثمامة لم يسمعه من أنس. وفي الأطراف للمقدسي قيل لابن معين حديث ثمامة عن أنس في الصدقات قال لا يصح وليس بشيء. رواه البيهقي من طريق عبد الله بن المثنى. قال الساجي ضعيف منكر الحديث وقال أبو داود لا أخرّج حديثه وذكره ابن الجوزى في الضعفاء. وقال أبو سلمة كان ضعيفًا في الحديث أفاده العيني وغيره. لكن قولهم إن حديث الباب متكلم فيه بما يدفع الاحتجاج به مدفوع بأن البخاري والنسائي روياه. وقد صححه غير واحد. قال ابن حزم هذا كتاب "يعني حديث أنس" في نهاية الصحة وعمل به الصديق بحضرة العلماء ولم يخالفه أحد اهـ. وقال في النيل صححه ابن حبان وغيره اهـ.

وقال النووي: والصواب ما ذهب إليه الشافعي وموافقوه وعمدتهم حديث أنس السابق وهو صحيح صريح. وما خالفه ضعيف أو دونه اهـ

وأما حديث قيس بن سعد الذي استدلوا به. فقد قال البيهقي إنه حديث منقطع بين أبي بكر بن حزم إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وقيس بن سعد أخذه عن كتاب لا عن سماع وكذلك حماد بن سلمة. وقيس بن سعد وحماد بن سلمة وإن كانا من الثقات فروايتهما هذه تخالف رواية الحفاظ عن كتاب عمرو بن حزم وغيره. وحماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره. فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه ويجتنبون ما يتفرد به وخاصة عن قيس بن سعد وأمثاله اهـ.

لكن قال في الجوهر النقى؛ لم أر أحدًا من أئمة هذا الشأن ذكره "يعني حماد بن سلمة" بشيء من ذلك. والأخذ من الكتاب حجة. وقد صرح البيهقي في كتاب المدخل أن الحجة تقوم بالكتاب وإن كان السماع أولى منه بالقبول. ثم إن حديث ثمامة تقدم أنه منقطع وأن حماد بن سلمة أخذه أيضًا من كتاب ومع ذلك نقل البيهقي عن الشافعي أنه أثنى عليه. ونقل عن الدارقطني أنه صحيح الإسناد. ثم ذكر عن صالح بن أحمد عن القطان أنه قال حماد بن سلمة وقيس بن سعد ليس بذاك. قلت صالح ابن أحمد قيل عنه دجال. وزياد بن حسان الأعلم وثقه جماعة. وقال ابن حنبل ثقة ثقة. وقيس ابن سعد وثقه كثيرون وأخرج له مسلم اهـ بتصرف.

وفي تهذيب التهذيب في ترجمة حماد:

<<  <  ج: ص:  >  >>