للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فائدة يعتد بها صيانة لكلام الشارع عن اللغو. والمتبادر منه أن للمذكور حكمًا يخالف المسكوت عنه. قال الخطابي لأن الشيء إذا كان يعتوره وصفان لازمان فعلق الحكم بأحد وصفيه كان ما عداه بخلافه وكذلك هذا في عوامل البقر والإبل اهـ.

والعمدة فيه الظهور ولا ينافيه احتمال كونه خارجًا مخرج الغالب. وقد ثبت عن أئمة اللغة العمل بفهوم الصفة كما نقلة له أهل الأصول. فيفيد أن التخصيص به مقصود للبلغاء في كلامهم. فكلام الله ورسوله به أجدر لو سلم عدم التخصيص به "لكان" المأخوذ من العموم في قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (صدقة الغنم في سائمتها) ونحوه "وجوب" الزكاة في المعلوفة والسائمة، ولم يقل به أحد لأنهم بين قائل بدلالة هذا اللفظ على انتفاء الحكم فيما عدا السائمة وهم أصحاب المفاهيم، وقائل بأنه مسكوت عنه وهم المنكرون. أما القول بأنه داخل فخارق للإجماع. وعلى القول بأنه مسكوِت عنه ففي حديث الأصل ما يصلح للاستدلال به على نفي الزكاة في غير السائمة وهو مفهوم الحصر في قوله "وإنما الصدقة في الراعية" وفي قوله "ليس في البقر العوامل صدقة وليس في الإبل العوامل والحوامل صدقة" إذ الغالب على العاملة أنها غير سائمة اهـ.

ويعنى بحديث الأصل ما ذكره مصنفه من قوله حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال: ليس في البقر العوامل صدقة وإنما الصدقة في الراعية اهـ

قال شارحه وقد روي مرفوعًا وموقوفًا وتقدم أن الموقوف على عليّ عليه السلام في هذا الباب له حكم الرفع. وبهذا يظهر أن ما ورد من الأحاديث في زكاة المواشي مطلقة عن ذكر السوم غير باقية على العموم لوجود ما يخصصها أصلًا أو قياسًا اهـ.

والراجح ما ذهب إليه الجمهور. قال ابن عبد البر لا أعلم أحدًا قال بقول مالك والليث من فقهاء الأمصار اهـ.

واختلف القائلون باشتراط السوم. فقال أبو حنيفة وأحمد متى كانت سائمة أكثر الحول وجبت فيها الزكاة ولا عبرة بعلفها أقل الزمن لأن اليسير منه لا يمكن الاحتراز عنه إذ لا توجد المرعى في كل السنة. والصحيح عند الشافعية أنها إن علفت قدرًا تعيش بدونه وجبت الزكاة وإن علفت قدرًا لا يبقى الحيوان بدونه لم تجب. قالوا والماشية تصبر اليومين ولا تصبر الثلاثة

(قوله ولا يؤخذ في الصدقة هرمة الخ) بفتح الهاء وكسرالراء أي كبيرة السنن القياسقطت أسنانها، ولا تؤخذ صاحبة عوار بفتح العين وقد تضم أي عيب ونقص: واختلف في العيب المانع من الإجزاء في الزكاة فالأكثر على أنه ما يثبت به الرد في البيع وهو ما يوجب نقصان الثمن عند التجار. وقيل ما يمنع الإجزاء في الأضحية: ومحل عدم إجزاء المعيبة إذا كان المال سليمًا، فإن كان فيه سليم ومعيب أخذ سليم وسط قيمته بين المعيب والسليم: وإن كان كله معيبًا أخذ المصدق واحدة من أوسطه وهو ما ذهب إليه أبو حنيفة والشافعي وأحمد ورواية عن مالك، وفي أخرى له يكلف رب المال الإتيان بصحيحة أخذًا بظاهر الحديث وهو مشهور المذهب. وقوله من الغنم قيد لا مفهوم له

<<  <  ج: ص:  >  >>