للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوزاعي وأبو الحسن بن المفلس من الظاهرية، وما يؤخذ عن المالين يوزع على الشريكين بنسبة ما لكل ولو كان لأحدهما مال غير مخلوط اعتبر كله مخلوطًا. ففي المدونة سألنا مالكًا فقلنا له ما تقول في رجل له أربعون شاة مع خليط له ولخليطه أيضًا أربعون شاة وله في بلد أخرى أربعون شاة ليس له فيها خليط؟ فقال تضم غنمه التي ليس له فيها خليط إلى غنمه التي له فيها خليط فيصير في جميع غنمه خليطًا. يصير عليه ثلثا شاة في الثمانين ويصير على صاحبه ثلث شاة في الأربعين وهكذا يتراجعان في هذا الوجه كله اهـ

وذهبت الشافعية إلى أن الخلطة سواء أكانت خلطة شيوع أم اشتراك في الأعيان أم خلطة أوصاف وجوار في المكان تؤثر في إيجاب الزكاة في المواشي والزروع والثمار والنقدين بشروط تسعة:

أن يكون الشركاء من أهل وجوب الزكاة. وأن يبلغ المال بعد خلطه نصابًا. وأن يمضي عليه بعد الخلط حول كامل. وأن لا يتميز أحدهما عن الآخر في المراح "مكان المبيت" والمسرح والمشرب والراعى والمحلب "مكان الحلب" ولا يشترط خلط اللبن في إناء واحد. وأن يتحد الفحل إذا كانت الماشية من نوع واحد فإذا كان بين شخصين فأكثر من أهل الزكاة نصاب مشترك في الأعيان أو في الأوصاف ومضى بعد الخلط حول كامل ففيه زكاة المال الواحد.

وإلى هذا ذهب أحمد غير أنه خص تأثير الخلطة بالمواشي فقط. ثم إن الخلطة عندهما تؤثر في إيجاب الزكاة وفي تكثيرها وتقليلها: فلو ملك شخصان فأكثر أربعين شاة وتوفرت شروط الخلطة وجبت فيها الزكاة.

واستدلوا بحديث الباب وبأن المالين صارا كمال الواحد في المؤن فلزم فيه زكاة المال الواحد "وأجاب" بعضهم عما تمسك به الحنفية والمالكية من حديث "ليس فيما دون حمس ذود صدقة" ونحوه بأنها محمولة على انفراد المالك وعدم الخلطة جمعًا بين الأحاديث "ورد" بأنه لا دليل على هذا العمل ولا داعى إليه. ويمكن الجمع بين الأحاديث يحمل أحاديث الخلطة على ما إذا كان لكل من الشريكين نصاب بدليل عموم السلب في حديث "ليس فيما دون خمس ذود صدقة"

قال الزرقاني في شرح الموطأ. قال أبو عمر "يعني ابن عبد البر" أجمعوا على أن المنفرد لا يلزمه زكاة في أقل من نصاب. واختلفوا في الخليطين ولا يجوز نقض أصل مجمع عليه برأي مختلف فيه. وقال الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث إذا بلغت ماشيتهما النصاب وجبت وإن لم يكن لكل نصاب، وليس ذلك برأي بل لأنه لم يفرق لي حديثي الذود والغنم بين المجتمعين بالخلطة لمالكين أو لمالك واحد وغيرهم. وقد اتفقوا في ثلاثة خلطاء لهم مائة وعشرون شاة لكل أربعون أن عليهم شاة واحدة فنقصوا المساكين شاتين للخلطة فقياسه لو كانت أربعون بين ثلاثة وجبت علهيم شاة لخلطتهم اهـ ملخصًا.

لكن الاتفاق على هذا إنما هو بين القائلين بتأثير الخلطة فلا يعادل القياس على المجمع عليه. وكونه لم ينص في الحديثين على الفرق بين المجتمعين بالخلطة لمالكين أو لواحد لا يستلزم ذلك لعوده

<<  <  ج: ص:  >  >>