للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمئات والألوف فنبه بذكر التسعين على أنه لا صدقة فيما نقص عن مائتين

(فقه الحديث) دل قوله فيه "هذه فريضة الصدقة التي فرضها النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على المسلمين" على أن الكافر غير مخاطب بالزكاة. لكن ظاهر قوله تعالى في شأن الكفار "ولم نك نطعم المسكين" أنهم مخاطبون بها.

وهو من أدلة من قال إنهم مخاطبون بفروع الشريعة وأجاب الأولون بأن المعنى لم نكن نعتقد وجوبها. وجملة القول في تكليف الكفار وعدمه أنه لا خلاف في أنهم مخاطبون "بالإيمان" لقوله تعالى "قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا الذي له ملك السموات والأرض، لا إله إلا هو يحيي ويميت، فآمنوا بالله ورسوله" "وبالمشروع" من الحدود "وبالمعاملات" "وبالشرائع" كالصلاة والزكاة والصوم من حيث المؤاخذة في الآخرة على ترك اعتقاد وجوبها. وأما وجوب أدائها في الدنيا فهم مخاطبون به عند العراقيين وعلى الصحيح عند المالكية. فيعذبون على تركها زيادة على عذاب الكفر، والصحيح عند الحنفية أنهم غير مخاطبين بأدائها وهو مذهب الشافعية والحنابلة لأنهم لا يقدرون على أدائها حال الكفر لعدم شرطه وهو الإيمان. ولا يجوز أمرهم بالأداء بشرط تقديم الإيمان لأنه أصل فلا يكون تبعًا. ودل على أن زكاة المواشي ونحوها من الأموال الظاهرة تدفع للإمام. وعلى أنه لا طاعة للإمام فيما خالف الشرع. وعلى أن ما بين كل نصابين من أنصب الماشية غفو لا زكاة فيه وهو المعروف عند الفقهاء بالوقص. وعلى أن الزكاة تتعلق به وبالنصاب وإليه ذهب محمَّد وزفر من الحنفية وهو معتمد مذهب المالكية وقول للشافعي.

وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف وأحمد إلى أن الزكاة لا تتعلق بالعفو وهو مشهور مذهب المالكية، الأصح عند الشافعية مستدلين بما رواه أبو يعلى وأبو إسحاق الشيرازي "في خمس من الإبل السائمة شاة وليس في الزيادة شيء حتى تبلغ عشرًا" وبما رواه الدارقطني عن ابن عباس قال: لما بعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم معاذًا إلى اليمن قيل له بم أمرت؟ قال أمرت أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعًا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة قيل له أمرت في الأوقاص بشيء؟ قال لا وسأسأل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فسأله فقال لا.

لكن الحديث الأوّل لم يثبت من طريق صحيح. وإذا ثبت لا يقوى قوة حديث أبي بكر الصديق. والحديث الثاني في سنده الحسن بن عمارة عن الحكم وهو ضعيف جدًا. فالقول الأول أقوى من جهة الدليل.

وثمرة الخلاف تظهر فيما إذا كان له تسع من الإبل أو مائة وعشرون من الغنم فهلك بعد الحول من الإبل أربع ومن الغنم ثمانون القول الأول يلزم صاحبها بنسبة ما بقي من الإبل والغنم وهو خمسة أتساع في الأول وثلث شاة في الثاني، وعلى القول الثاني لا يسقط شيء من الواجب فعليه شاة فيهما لبقاء النصاب. ودل الحديث على أن السوم شرط في وجوب زكاة الغنم وهو مذهب الجمهور كما تقدم، وكذك يشترط في زكاة الإبل

<<  <  ج: ص:  >  >>