للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرجنا لكم من الأرض" وقوله (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) وذهب أبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة إلى أن الزكاة إنما تجب فيما له ثمرة تبقى سنة بلا معالجة كثيرة سواء أكان مكيلًا كالتمر أم غير مكيل كالقطن والسكر.

فإن كان مما يكال فلا بد أن يبلغ خمسة أوسق وإن كان مما لا يكال فعند أبي يوسف لا تجب فيه زكاة إلا إن بلغ قيمة نصاب من أدنى ما يكال فلا تجب في نحو القطن إلا إذا بلغت قيمته خمسة أوسق من نحو الشعير.

وعند محمد لا زكاة فيه إلا إن بلغ خمسة أمثال من أعلى ما يقدر به نوعه. ففي نحو القطن لا تجب فيه إلا إن بلغ خمسة قناطير. وعلى هذا فلا زكاة في نحو الفواكه والخضروات كالفجل "بوزن قفل" والجرجير والخس بفتح أوله والنعناع "كصلصال" والمقدونس والثوم والبصل والكراث والقثاء والخيار والقرع "الدباء كرمان" والباذنجان والرجلة واللوبيا الخضراء والكرنب "كقنفذ" والقنبيط بضم وفتح مشدد وكسر والسلجم "كجعفر" وهو اللفت. واستدلا على عدم وجوب الزكاة فيها ذكر بحديث "ليس في الخضروات زكاة" رواه الدارقطني من عدة طرق عن موسى بن طلحة عن أبيه وعن أنس وفي كل مقال. ورواه ابن عدي في الكامل وأعله بالحارث بن نبهان في أحد طرقه وقال لا أعلم أحدًا يرويه عن عطاه غيره. وفي أحد طرقه محمد بن جابر قال فيه ابن معين ليس بشئ وقال الإِمام أحمد لا يحدث عنه إلا من هو شر منه. وبحديث عطاء بن السائب قال: أراد عبد الله بن المغيرة أن يأخذ من أرض موسى بن طلحة من الخضروات صدقة فقال له موسى بن طلحة ليس لك ذلك إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقول ليس في ذلك صدقة. رواه الأثرم في سننه مرسلًا. وكذا أخرجه الدارقطني والحاكم من حديث إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمه موسى بن طلحة عن معاذ. قال الحافظ وفيه ضعف وانقطاع. وبحديث معاذ أنه كتب إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يسأله عن الخضروات فقال: ليس فيها شيء رواه الترمذي وقال إسناده ليس بصحيح وليس يصح عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في هذا شيء والعمل على هذا عند أهل العلم أنه ليس في الخضروات صدقة اهـ

يعني أكثر أهل العلم وإلا فقد تقدم أن أبا حنيفة وغيره يوجب فيها الزكاة. هذه الأحاديث وإن كانت ضعيفة فقد رويت من عدة طرق يقوى بعضها بعضًا فتنهض لتخصيص العمومات. وذهب مالك والشافعي إلى أن الزكاة إنما تجب فيما تخرجه الأرض إذا بلغ نصابًا وكان مما يقتات ويدّخر من جنس ما يستنبته الآدميون كالقمح والشعير والسلت. وهو نوع من الشعير لا قشر له والدخن والذرة والأرز والعدس والحمص واللوبيا اليابسة والجلبان ونحوها. فلا زكاة فيما لا يقتات كالخضروات وحب الرشاد والكمون والكراوية والكسبرة والحلبة والفلفل وبزر

<<  <  ج: ص:  >  >>