للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاة العيد. والقبلية ظرف متسع. ولذا اختلفت الفقهاء في وقت الوجوب بعد اتفاقهم علي

أن إخراجها قبل صلاة العيد هو الأفضل. فقال أبو حنيفة والليث والهادي والقاسم إنه من

طلوع فجر يوم العيد. وهو رواية ابن القاسم عن مالك لأنه الوقت الذي يتعين به الفطر

الحقيقي، ولأنها قربة تتعلق بالعيد فلا يتقدم وقت وجوبها على يومه. وقال الثوري وأحمد والشافعي وإسحاق إنه من غروب شمس آخر يوم من رمضان. وهو رواية أشهب عن مالك واستدلوا بقول ابن عباس في حديثه السابق: فرض رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم زكاة الفطر. والفطر من رمضان لا يكون إلا بغروب الشمس من آخر يوم منه. وتظهر ثمرة الخلاف فيمن ولد قبل طلوع الفجر وبعد غروب الشمس فتجب الزكاة عنه على القول الأول دون الثاني

(قوله وكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك الخ) وفي نسخة فكان ابن عمر بالفاء أي كان ابن عمر يخرج زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين. وكذا غيره من الصحابة كانوا يؤدونها قبل يوم الفطر. ففي البخاري بعد ذكر حديث ابن عمر: كان ابن عمر يعطيها للذين يقبلونها وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين. وهذا إشارة إلى جميعهم فهو إجماع.

وفي رواية ابن خزيمة من طريق عبد الوارث عن أيوب قال: قلت لنافع متى كان ابن عمر يعطي؟ قال إذا قعد العامل قلت متى كان يقعد؟ قال قبل الفطر بيوم أو يومين. وروى مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاث: ولعلهم استندوا في فعلهم هذا إلى ما أخرجه البخاري من حديث أبى هريرة قال: وكلني رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بحفظ زكاة رمضان. الحديث. وفيه أن أبا هريرة أمسك الشيطان ثلاث ليال وهو يأخذ من طعام زكاة الفطر الذي جمع تحت يده ووكل إليه حفظه. فدل ذلك على أنهم كانوا يعجلونها قبل العيد بثلاث ليال زمن النبي صلى الله تعالى وعلى آله وسلم.

وممن جوز تقديمها يوما أو يومين الكرخي ومالك وهو مشهور مذهب الحنابلة. وقالوا لا يجوز تعجيلها أكثر من ذلك وفي المغني لابن قدامة الحنبلي وقال بعض أصحابنا يجوز تعجيلها من بعد نصف الشهر كما يجوز تعجيل أذان الفجر والدفع من مزدلفة بعد نصف الليل. وأجاز الشافعي تقديمها من أول رمضان لأن سببها الصوم والفطر بعده فإذا وجد أحد السببين جاز تعجيلها كزكاة المال بعد ملك النصاب. وجوز الهادي والقاسم وأبو طالب والعباس تقديمها ولو إلى عامين. وقالت الحنفية يجوز تقديمها مطلقًا من غير تفصيل يين مدة ومدة على الصحيح لأن سبب الوجوب قد وجد وهو رأس يمونه ويلي عليه. يعنون به من تلزمه نفقته. فصار كإخراج الزكاة بعد وجود النصاب.

وقال الزيلعي وعند خلف بن أيوب يجوز تعجيلها بعد دخول رمضان لا قبله لأنها صدقة الفطر ولا فطر قبل الشروع في الصوم. وقيل يجوز تعجيلها في النصف الأخير من رمضان. وقيل في العشر الأخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>