للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(معنى الحديث)

(قوله وله ما يغنيه) أي ما يكفيه عن السؤال

(قوله جاءت يوم القيامة الخ) وفي بعض النسخ جاء بدون تاء. أي جاءت المسألة المفهومة من قوله سأل يوم القيامة وهي خموش الخ ففي رواية الترمذي: من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش أو خدوش أو كدوح. بضم أولها.

وفي رواية النسائي "من سأل وله ما يغنيه جاءت خموشًا أو كدوحًا في وجهه يوم القيامة، بنصب خموش وكدوح على أنهما حالان من الضمير في جاءت العائد على المسألة. والخموش مصدر خمش بمعنى خدش يقال: خمشت المرأة وجهها تخمشه خمشًا وخموشًا إذا خدشته بظفر أو حديدة. ويحتمل أن يكون الخموش جمع خمش مثل فلس وفلوس. والكدوح بمعنى الخموش.

قال في النهاية: كل أثر من خدش أو عضّ فهو كدح ويجوز أن يكون الكدوح مصدرًا سمي به الأثر وأن يكون جمع كدح اهـ

وقال القاري: أو هنا إما للشك من الراوي إذ الكل يعرب عن أثر ما يظهر على الجلد واللحم من ملاقاة الجسد ما يقشر أو يجرح. ولعل المراد بها آثار مستنكرة بوجهه حقيقة أو أمارات يعرف ويشهر بذلك بين أهل الموقف. أولتقسيم منازل السائل فإنه مقل أو مكثر أو مفرط في المسألة، فذكر الأقسام على حسب ذلك. والخمش أبلغ في معناه من الخدش وهو أبلغ من الكدح، إذ الخمش في الوجه والخدش في الجلد والكدح فوق الجلد. وقيل الخدش قشر الجلد بالعود والخمش قشره بالأظفار والكدح العض، وهي في أصلها مصادر لكنها لما جعلت أسماء للآثار جمعت اهـ

(قوله وما الغنى) أي ما مقدار ما يصير به المرء غنيًا يحرم عليه معه السؤال؟ وفي رواية الترمذي: قيل يا رسول الله وما يغنيه؟

(وفي الحديث) دلالة على أن من ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب فهو غني يحرم عليه السؤال والأخذ من الزكاة. وإلى ذلك ذهب الثوري وابن المبارك وإسحاق وهو مذهب علي وابن مسعود ورواية عن أحمد. واستدلوا أيضًا بما أخرجه الدارقطني من طريق بكر بن خنيس عن أبي شيبة عبد الرحمن ابن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال "لا تحل الصدقة لرجل له خمسون درهمًا" قال الدارقطني بكر بن خنيس وأبو شيبة ضعيفان اهـ

وقالوا من ملك من الحبوب أو العروض أو العقار أو السائمة ما لا تحصل به كفايته في عام فليس بغنى فله الأخذ من الزكاة. وقال غيرهم من الأئمة: ليس في حديث الباب دلالة على حرمة أخذ الصدقة على من ملك خمسين درهما أو قيمتها. إنما يدل على حرمة السؤال على من ذكر لأن المسألة إنما تكون للضرورة ولا ضرورة لمن يملك ما ذكر. على أن الحديث ضعيف لا يحتج به كما سيأتي

(وأجابوا) عن حديث الدارقطني بأنه ضعيف أيضًا: ولذا قال مالك والشافعي لا حدّ للغنى وإنما يعتبر حال الإنسان بوسعه وطاقته. فإن اكتفى بما عنده حرمت عليه الصدقة. وإذا احتاج حلت له. قال الشافعي قد يكون الرجل غنيًا بالدرهم مع الكسب ولا يغنيه الألف مع ضعفه في

<<  <  ج: ص:  >  >>