للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(باب الاستعفاف)

وفي نسخة باب في الاستعفاف أي طلب العفة والكف عن السؤال والحرام. يقال عف عن الشيء يعف من باب ضرب عفا بفتح العين المهملة وعفة بكسرها وعفافًا امتنع عنه

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا عِنْدَهُ قَالَ "مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَا أَعْطَى اللَّهُ أَحَدًا مِنْ عَطَاءٍ أَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ".

(ش) (قوله حتى إذا نفد الخ) من باب تعب أي فرغ المال الذي عنده، وفي نسخة حتى نفد وهي رواية البخاري

(قوله ما يكون عندي من خير الخ) ما موصولة متضمنة معنى الشرط ولذا قرن خبرها بالفاء

(قوله فلن أدخره عنكم) أي لن أحبسه وأكفه عنكم

(قوله ومن يستعفف الخ) أي من يطلب العفاف بترك السؤال وبالقناعة بما عنده يرزقه الله العفة والكف عن الحرام، ومن يظهر الغنى بالاستغناء عن أموال الناس يرزقه الله القناعة في قلبه والكفاية عن الناس، ففي حديث أبي هريرة مرفوعًا "ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس" رواه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجة. ومن يتصبر على المكاره والبلايا أو عن السؤال والاستشراف إلى ما في أيدى الناس يرزقه الله الصبر الجميل

(قوله وما أعطي أحد من عطاء الخ) وفي نسخة وما أعطى الله أحدًا من عطاء الخ أي ما أعطى الله أحدًا شيئًا من العطاء أكثر ولا أفضل من الصبر لأن مقامه أعلى المقامات فإنه جامع لمكارم الصفات والحالات، ولذا قدم على الصلاة في قوله تعالى "واستعينوا بالصبر والصلاة" وقد ورد الحث عليه في كثير من الآيات والأحاديث

(فقه الحديث) دل الحديث على جواز إعطاء السائل غير مرة. وعلى مشروعية الاعتذار للسائل. وعلى جواز السؤال للحاجة وإن كان الأولى تركه والصبر حتى يأتيه رزقه من غير سؤال. وعلى ما كان عليه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من البشاشة والكرم وإيثار الغير على نفسه. وعلى الحض على التعفف والإستغناء عن الناس بالصبر وحسن التوكل على الله عَزَّ وَجَلَّ وعلي أن الصبر أفضل ما أعطيه المؤمن ولذا كان الجزاء عليه جليلًا قال تعالى (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>