للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبد البر: رواية مالك أولى وأشبه بالأصول. ويؤيده حديث طارق المحاربي عند النسائي وفيه: يد المعطي العليا، وبعد أن ذكره ونحوه من الأحاديث التي قدمناها قال: فهذه الأحاديث متضافرة على أن اليد العليا هي المنفقة المعطية، وأن السفلى هي السائلة، وهذا هو المعتمد وهو قول الجمهور اهـ فتح ملخصًا

وقال الخطابي: رواية من قال المتعففة أشبه وأصح في المعنى، وذلك أن ابن عمر ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال هذا وهو يذكر الصدقة والتعفف منها. فعطف الكلام على سببه الذي خرج عليه وعلي ما يطابقه في معناه أولى اهـ

لكن قال النووي في شرح مسلم: والصحيح الرواية الأولى. ويحتمل صحة الروايتين. فالمنفقة أعلى من السائلة والمتعففة أعلى من السائلة اهـ

إذا

عرفت هذا علمت أن الراجح تفسير اليد العليا بالمنفقة لقوة أدلته وكثرة طرقه، ولا منافاة بينهما من حيث المعنى إذ كل من المنفقة والمتعففة أعلى من السائلة

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو الزَّعْرَاءِ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "الأَيْدِي ثَلاَثَةٌ فَيَدُ اللَّهِ الْعُلْيَا وَيَدُ الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى فَأَعْطِ الْفَضْلَ وَلاَ تَعْجِزْ عَنْ نَفْسِكَ".

(ش) (رجال الحديث) (أبو الزعراء) عمروبن عمروبن عامر في مالك بن نضلة الجشمي الكوفي. روى عن أبي الأحوص وعكرمة وعبيد الله بن عبد الله. وعنه الثوري وابن عيينة وعبيدة بن حميد. وثقه أحمد والنسائي والعجلي وابن معين وقال ابن عبد البر أجمعوا على أنه ثقة. روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.

و(أبو الأحوص) عوف بن مالك الجشمي. تقدم بالرابع ص ٢٣٨.

و(مالك بن نضلة) بمعجمة ساكنة ويقال مالك بن عوف بن نضلة الجشمي بضم الجيم. روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وعنه ابنه أبو الأحوص صحابي قليل الحديث، روى له الأربعة (المعنى)

(قوله الأيدى ثلاثة) أي بالنسبة للإعطاء والأخذ، وذلك أن المعطي قسمان: معط حقيقة لكونه مالك كل شيء وهو الله تعالى، ومعط ظاهرًا وهو من أجرى الله عَزَّ وَجَلَّ الإعطاء على يديه وجعلت يده والية يد الله تعالى لأنه سبحانه وتعالى جعله مظهرًا للخير

(قوله فيد الله العليا) أي نعمته الكاملة وعطاؤه العام على ما ذهب إليه الخلف من تأويل المتشابه وبيان المراد منه لتنزهه تعالى عن الجارحة. وذهب السلف إلى إمراره على ظاهره وتفويض المراد منه إلى الله تعالى مع اعتقاد تنزيهه عن الجارحة (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)

(قوله ويد السائل السفلى) أي لما يترتب على السؤال من الذل والهوان وإراقة ماء

<<  <  ج: ص:  >  >>