للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرها فانجاز البطنان المذكوران إلى شعب أبي طالب وبقوا فيه محصورين نحوثلاث سنين إلا أبا لهب فلم يكن معهم

(وأجاب الأولون) بأن بني المطلب إنما أعطوا من خمس الخمس لنصرتهم وموالاتهم بني هاشم لا لمجرد القرابة، بدليل أن بني عبد شمس وبني نوفل يساوونهم في القرابة ولم يعطوا شيئًا، والنصرة لا تقتضي منع الزكاة. فلهم الأخذ منها إذا توفر فيهم سبب الأخذ لدخولهم في عموم من يستحق الصدقة. وإنما خرج بنوهاشم لحديث "إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس، أخرجه مسلم من حديث عبد المطلب بن ربيعة. فوجب أن يختص المنع ببني هاشم ولا يصح قياس بني الطلب عليهم لأن بني هاشم أقرب إليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأشرف وهم آله. قال ابن قدامة: لا نعلم خلافًا في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة وكذا حكى الإجماع ابن رسلان. "وأما ما قاله الطبري" من أنه روى عن أبي حنيفة جواز دفعها إليهم مطلقًا، وعن أبي يوسف أنها تحل من بعضهم لبعض لا من غيرهم "فهو مردود" بأن الطحاوي الذي هو أعلم الناس بمذهب أبي حنيفة وأقوال صاحبه نقل عن أبي يوسف أن صدقة التطوع تحرم علي بني هاشم، فصدقة الفرض أشد حرمة مطلقًا. وأما ما نسب إلى أبي حنيفة من جواز دفعها إليهم مطلقًا محمول على ما إذا حرموا حقهم من سهم ذوى القربي اهـ

"وما رواه الحاكم" من أن العباس بن عبد المطلب قال: قلت يا رسول الله: إنك حرمت علينا صدقات الناس فهل تحل لنا صدقات بعضنا لبعض قال نعم "ضعيف" لا يصلح لتخصيص العمومات الصحيحة. قال في فتح القدير ولفظه "يعني الحديث" للطبرانى "لا يحل لكم أهل البيت من الصدقات شيء إنما هي غسالة أيدى الناس، وإن لكم في خمس الخمس ما يغنيكم" يوجب تحريم صدقة بعضهم على بعض وكذا ما رواه البخاري عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "نحن أهل البيت لا تحل لنا الصدقة" ثم لا يخفى أن هذه العمومات تشمل الصدقة النافلة والواجبة اهـ

أما الواجبة كالزكاة والكفارات بأنواعها وجزاء الصيد وعشر الخارج من الأرض فلا خلاف عندهم في عدم جواز إعطائها لبني هاشم. وأما صدقة التطوع وغلة الوقف فالراجح عندهم أنها لا تدفع لهم إلا على وجه الهدية لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "كان إذا أتى بطعام سأل عنه فإن قيل هدية أكل، وإن قيل صدقة لم يأكل، وقال لأصحابه كلوا" رواه الشيخان.

ولحديث أنس أول الباب الآتي في قصة لحم بريرة. قال الخطابي: وكأن المعنى في ذلك أن الهدية إنما يراد بها ثواب الدنيا فكان صلى الله عليه وعلي آله وسلم يقبلها ويثيب عليها فتزول المنة عنه والصدقة يراد بها ثواب الآخرة فلا ينبغي، أن تكون يد أعلى من يده صلى الله تعالى عليه وعلى أله وسلم في أمر الآخرة اهـ

أما مواليهم فقد قال بحرمة الصدقة عليهم أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد والناصر والمؤيد بالله وابن الماجشون المالكي. وذهب مالك وبعض الشافعية إلى جواز دفع الزكاة إليهم لأنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>