للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمصنف في "باب الكنز ما هو" من حديث أم سلمة مرفوعًا "ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكى فليس بكنز" وعلي هذا اتفقت الأئمة لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الحديث: لا يؤدي حقه ولقوله في حديث جابر عند مسلم "ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقه إلا جاء كنزه يوم القيامة شجاعًا أقرع يتبه فاتحًا فاه، فإذا أتاه فر منه فيناديه خذ كنزك الذي خبأته فأنا عنه غني الخ"

(قوله إلا جعله الله الخ) أي على صاحب الكنز يوم القيامة يلقى على كنزه في جهنم فتكوى به جبهته وجنبه الخ فالضمير المنصوب في جعله يرجع إلى صاجب الكنز، وكذا نائب الفاعل في قوله يحمي، والضمير في عليها وبها يرجع إلى الكنز، وأنث باعتبار أنه أموال. ويحتمل أن يكون المعنى إلا جعل الله الكنز صفائح يوقد عليها في نار جهنم فتكوى بها جبهته الخ وهذا هو الأوفق، ويؤيده ما في رواية مسلم من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم فيجعل صفائح فيكوى بها جنباه وجبينه حتى يحكم الله بين عبادة الخ". وخصت هذه الأعضاء بالذكر لأن الغني الشحيح إذا طلب منه السائل بدت على جبهته آثار الكراهة والمنع، وإن كرر السائل الطلب نأى بجنبه ومال عنه، وإن ألح في السؤال ولاه ظهره وتوجه إلى جهة أخرى، وهي النهاية في الرد والغاية في المنع الدالة على كراهة الإعطاء والبذل، وهذا دأب مانع البر والإحسان وعادة البخلاء, وإلا فالكيّ بها يكون في جميع الجسد لا يوضع دينار ولا درهم فوق غيره ولكن يوسع الجلد حتى توضع كلها عليه ويستمر هكذا حتى يحكم الله بين عبادة في يوم الحساب الذي يكون مقداره خمسين ألف سنة على الكافرين وهو يوم القيامة ويطول على العاصين كل بقدر ذنبه، لقولى تعالى (يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) أما المؤمن كامل الإيمان فيكون عليه أخف من صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا. ففي الحديث عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال "يوما كان مقداره خمسين ألف سنة" فقيل ما أطول هذا اليوم؟ فقال: والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة. رواه أحمد وابن حبان

(قوله ثم يرى سبيله الخ) بضم أوله بالبناء للمفعول ورفع سبيله على أنه من الرؤية ونصبه مفعولًا ثانيًا على أنه من الإرادة. ويجوز فتح المثناة التحتية من رأى مبنيًا للفاعل، فيعين له أحد الطريقين أو يعلم هو مصيره، إما إلى الجنة إن كان ما ناله من العذاب كفَّر ما عليه من الذنوب أو عفا الله تعالى عنه، وإما إلى النار إن لم يكن كذلك، وهذا في غير مستحل منع الزكاة، أما هو فيسلك به إلى النار بادئ ذى بدءٍ ويخلد فيها. وفيه إشارة إلى أنه مسلوب الاختيار مقهور وقتئذ حتى يبين له أحد السبيلين

(قوله أوفر ما كانت) أي جاءت أكثر عددًا وعلى أحسن ما كانت عليه في الدنيا من السمن والعظم والقوة ليقوى نطحها ووطؤها له

(قوله فيبطح لها بقاع قرقر الخ) أي يلقى صاحب الغنم على

<<  <  ج: ص:  >  >>