للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية ولكن الرجل تكون له الذرية الصالحة يدعون له من بعده، وأخرج فى الكبير من حديث أبي مشجعة الجهني مرفوعًا "إن الله لا يؤخر نفسا إذا جاه أجلها، وإنما زيادة العمر ذرية صالحة" الحديث، وجزم به ابن فورك فقال إن المراد بزيادة العمر نفي الآفات عن صاحب البر في فهمه وعقله ورزقه وغير ذلك، قال في السبل ولابن القيم في كتاب الداء والدواء كلام يقتضى أن مدة حياة العبد وعمره هى مهما كان قلبه مقبلا على الله ذاكرًا له مطيعا غير عاص فهذه هى عمره، ومتى أعرض القلب عن الله تعالى واشتغل بالمعاصى ضاعت عليه أيام حياة عمره فعلى هذا معنى أنه ينسأ له في أجله أى يعمر الله قلبه بذكره وأوقاته بطاعته اهـ ويحتمل أن التأخير في الأجل على حقيقته وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر، والذى في الآية منظور فيه إلى ما في علم الله كأن يقال للملك إن عمر فلان ثمانون مثلا إن وصل رحمه وإن قطعها فخمسون، وقد سبق في علمه تعالى أنه يصل أو يقطع، فالذى في علم الله تعالى لا يتقدم ولا يتأخر والذى في علم الملك هو الذى يمكن فيه الزيادة والنقص، وإليه الإشارة بقوله تعالى {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} فالمحو والإثبات بالنسبة لما في علم الملك. وما في أم الكتاب هو الذى في علم الله تعالى فلا محو فيه ألبتة ويقال له القضاء المبرم ويقال للأول القضاء المعلق. وقيل إن كل إنسان له أجلان أجل ينقضى بموته وأجل ينقضى ببعثه فابتداء أجل الموت من حين ولادته وابتداء أجل البعث من حين موته ومجموع الأجلين محدود لا يزيد ولا ينقص، فالطائع البار الواصل للرحم يزاد له في أجل الدنيا وينقص من أجل البرزخ الذي هو القبر، والعاصي القاطع الرحم يزاد له أجل البرزخ وينقص له من أجل الدنيا قيل وبه فسر قوله تعالى {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ}

(فقه الحديث) دلّ الحديث على الترغيب في صلة الرحم. وعلى أنها سبب لسعة الرزق والبركة في العمر

(والحديث) أخرجه أيضا أحمد والشيخان والنسائى وأخرجه البخارى عن أبي هريرة

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قَالاَ نَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِىَ الرَّحِمُ شَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِى مَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>