للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لثبوت الأمر بصومه ثم تأكد الأمر بذلك ثم زيادة التأكيد بالنداء العام ثم زيادته بأمر من أكل بالإمساك ثم زيادته بأمر الأمهات ألا يرضعن فيه الأطفال، وبقول ابن مسعود الثابت فى مسلم "لما فرض رمضان ترك عاشوراء" مع العلم بأنه ما ترك استحبابه بل هو باق فدل على أن المتروك وجوبه، وأما قول بعضهم المتروك تأكد استحبابه والباقى مطلق استحبابه، فلا يخفى ضعفه بل تأكد استحبابه باق لاستمرار اهتمامه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بصومه ولترغيبه فيه وأنه يكفر سنة، وأى تأكيد أبلغ من هذا اهـ قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} أى فرضه الله عليكم كما فرضه علي الأمم الذين من قبلكم من لدن آدم إلى عهدكم، فالصوم عبادة قديمة فرضها الله تعالى على جميع الأمم، وهو شاق على النفوس، والشاق إذا عم سهل. والتشبيه فى أصل الوجوب لا فى القدر والوقت والكيفية، فقد كان الصوم على آدم الأيام البيض، وعلى موسى عاشوراء. وقيل إن التشبيه فى القدر والوقت أيضا، فقد كان صوم رمضان واجبا على النصارى كما فرض علينا، وربما وقع فى الحر الشديد فكان يشق عليهم فى أسفارهم ومعاشهم فاجتمع رأى علمائهم عل أن يجعلوه فى فصل معتدل من السنة بين الصيف والشتاء، فجعلوه فى فصل الربيع، وزادوا عشرين يوما كفارة لما صنعوا فكانوا يصومون خمسين يوما، فقد أخرج الطبرى فى التفسير بسنده إلى الشعبي أنه قال: لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذى يشك فيه فيقال من شعبان ويقال من رمضان، وذلك أن النصارى فرض عليهم شهر رمضان كما فرض علينا فحولوه إلى الفصل "يعنى فصل الربيع" وذلك أنهم كانوا ربما صاموه فى القيظ يعدون ثلاثين يوما ثم جاء بعدهم قرن فأخذوا بالثقة من أنفسهم فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما، ثم لم يزل الآخر يستن سنة القرن الذى قبله حتى صارت إلى خمسين، فذلك قوله {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} وأخرج أيضا بسنده إلى السدى قال {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} أما الذين من قبلنا فالنصارى كتب عليهم رمضان وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ولا ينكحوا النساء شهر رمضان، فاشتد على النصارى صيام رمضان وجعل يقلب عليهم فى الشتاء والصيف، فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا الصيام فى الفصل بين الشتاء والصيف، وقالوا نزيد عشرين يوما نكفر بها ما صنعنا فجعلوا صيامهم خمسين، فلم تزل المسلون على ذلك يصنعون كما تصنع النصارى حتى كان من أمر أبى قيس بن صرمة وعمر بن الخطاب ما كان، فأحل الله لهم الأكل والشرب والجماع

(قوله فكان الناس على عهد النبى إذا صلوا العتمة الخ) وفى نسخة وكان الناس الخ أى كانوا على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فى بدء الإسلام إذا صلوا العشاه الآخرة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء بقية الليل واليوم كله إلى غروب الشمس من الليلة القابلة، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>