للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الصوم، فكان من شاء صامه ومن شاء أفطر وافتدي حتى نسخ ذلك بقوله {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وهى المرادة بقول المصنف حتى نزلت الآية التى بعدها فنسختها، فقد أخرج الطبرى من حديث شعبة عن عمرو بن مرة قال حدثنا أصحابنا "وفي رواية قال سمعت ابن أبي ليلى" أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما قدم عليهم "المدينة" أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعا غير فريضة، ثم نزل صيام رمضان، وكانوا قومًا لم يتعودوا الصيام وكان يشتد عليهم الصوم، فكان من لم يصم أطعم مسكينًا، ثم نزلت هذه الآية {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فكانت الرخصة للمريض والمسافر وأمرنا بالصيام. وتقدم نحوه للمصنف في "باب الأذان" من حديث طويل عن معاذ. وقيل إن الناسخ قوله تعالى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} لما أخرجه البيهقى من حديث ابن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالوا أحيل الصوم على ثلاثة أحوال قدم الناس المدينة ولا عهد لهم بالصيام، فكانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر حتى نزل شهر رمضان فاستكثروا ذلك وشق عليهم، فكان من أطعم مسكينًا كل يوم ترك الصيام ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك ثم نسخه قوله تعالى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} فأمروا بالصيام اهـ وفيه نظر لأنه إذا تقرر أن الإفطار والإطعام كان رخصة لزم أن يكون الصيام واجبًا، وقوله "وأن تصوموا خير لكم" لا يدل على وجوبه بل على أنه خير من الافتداء، فهو يدل على جواز الافتداء فلا يصلح ناسخا له بل هو منسوخ أيضًا. والحديث قد اختلف في إسناده اختلافا كثيرا فلا يصلح للاحتجاج به، وأجاب الكرمانى بما حاصله أن المراد أن الصوم خير من التطوع بالفدية والتطوع بها كان سنة، والخير من السنة لا يكون إلا واجبا، ولا يخفى بعده وتكلفه، فإن الفدية ليس متطوعا بها وإنما هي من قبيل الواجب المخير فيه

(فقه الحديث) دل الحديث على وقوع النسخ في القرآن. وعلى أن رمضان كان مخيرا فيه بين الصيام والافتداء. وعلى أن هذا نسخ بقوله تعالى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} فصار الصيام متعينا على القادر المقيم.

(والحديث) أخرجه أيضا مسلم والنسائي والحاكم والترمذي وقال حديث حسن صحيح غريب وأخرجه البخارى معلقا في الصيام وموصولا في التفسير، وأخرجه ابن جرير الطبرى في تفسيره

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ نَا عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِىِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} فَكَانَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يَفْتَدِىَ بِطَعَامِ مِسْكِينٍ افْتَدَى وَتَمَّ لَهُ صَوْمُهُ فَقَالَ {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>