للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النعمان فتكون الرواية والصحبة لهوذة. وهو وهم. والصواب أنّ الرواية والصحبة لمعبد كما فى الإصابة وقال البيهقى: ومعبد بن هوذة هو الذى له صحبة. روى له أبو داود

(المعنى)

(قوله أمر بالإثمد المروّح عند النوم) أى أمر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالاكتحال به عند النوم. والإثمد بكسر الهمزة والميم حجر الكحل الأسود. والمروّح بصيغة اسم المفعول المطيب بالمسك كأنه جعل له رائحة تفوح بعد أن لم تكن. وأمر به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لأنه ينفع العين ويقوّيها ويشدّ أعصابها ويحفظ صحتها ويذهب باللحم الزائد فى القروح وينقى أوساخها ويجلوها ويذهب الصداع إذا اكتحل به مع العسل الرقيق وإذا خلط بالشحوم اللينة ولطخ به حرق النار ينفعه وهو أجود الأكحال "ولا سيما لكبير السنّ ومن ضعف بصره" إذا جعل معه شئ من المسك. وفى الاكتحال مطلقا حفظ لصحة العين وتقوية للنور الباصر وتلطيف للمادة الرديئة واستخراج لها مع الزينة فى بعض أنواعه. وله عند النوم مزيد فضل لاشتمال العين عليه وسكونها عقيبه عن الحركة المضرة بها. ويؤتى به من أصبهان والمغرب. وأجوده سريع التفتيت يكون لفتاته بريق وداخله أملس ليس فيه أوساخ ومزاجه بارد يابس (وقد جاء فيه أحاديث) ففى سنن ابن ماجه عن سالم عن أبيه يرفعه أنّ النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: عليكم بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر. ورواه البيهقى عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا وقال: وزعم أنّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كانت له مكحلة يكتحل منها كل ليلة ثلاثا فى هذه، وثلاثا فى هذه. وقال: هذا أصح ما روى فى اكتحال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وروى أيضا عن ابن عباس أنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: خير أكحالكم الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر. وفى رواية أبى نعيم فإنه منبتة للشعر ومذهبة للقذى مصفاة للبصر

(قوله ليتقه الصائم) أى ليتباعد عنه (واستدل) به من قال إنّ الكحل مفسد للصوم. منهم ابن أبى ليلى وسليمان التيمى ومنصور بن المعتمر وابن شبرمة. واستدلوا أيضا بما أخرجه البخارى تعليقا ووصله البيهقى والدارقطنى وابن أبى شيبة من حديث ابن عباس بلفظ "الفطر مما دخل والوضوء مما خرج" والكحل إذا وجد طعمه فقد دخل. وذهب الثورى وإسحاق إلى كراهته. وقال قتادة يجوز بالإثمد ويكره بالصبر (وقالت المالكية) يحرم إن تحقق وصوله إلى الحلق وعليه القضاء وإن شك كره (وذهبت الشافعية) وعطاء والحسن البصرى والنخعى والأوزاعى وأبو حنيفة وأبو ثور إلى أنّ الاكتحال للصائم جائز ولا يفطر سواءٌ أوجد طعاما فى حلقه أم لا. وهو قول أنس وابن عمر وابن أبى أوفى. واستدلوا بما رواه ابن ماجه عن عائشة أنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اكتحل فى رمضان وهو صائم. وفى سنده سعيد بن أبى سعيد الزّبيدى وهو من مجاهيل

<<  <  ج: ص:  >  >>