للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك من الأمور. وإذا كان كذلك لم يكن ما ذكروه حجة يلزم الحكم بها. واحتجوا أيضا فى هذا بحرف لا أزال أسمعهم يروونه فى هذا الحديث وهو قوله هلكت وأهلكت. قالوا فدل قوله وأهلكت على مشاركة المرأة إياه فى الجناية لأنّ الإهلاك يقتضي الهلاك ضرورة كما أن القطع يقتضى الانقطاع. قلت وهذه اللفظة غير موجودة فى شئ من رواية هذا الحديث. وأصحاب سفيان لم يرووها عنه. وإنما ذكروا قوله هلكت حسب. غير أنّ بعض أصحابنا حدثنى أنّ المعلى ابن منصور روى هذا الحديث عن سفيان فذكر هذا الحرف فيه. وهو غير محفوظ. والمعلى ليس بذاك فى الحفظ والإتقان اهـ أقول وقد تقدم عند الدارقطنى "هلكت وأهلكت" (وذهبت المالكية) إلى أنّ الكفارة تلزم المرأة إن كانت مختارة: وإن كانت مكرهة فكفارتها على زوجها. وأما الأمة فكفارتها على سيدها مطلقا مختارة كانت أو مكرهة متى كانت بالغة عاقلة (وذهبت الحنابلة والحنفية) إلى أنّ المرأة إن كانت مكرهة على الوطء فلا كفارة عليها. وإن كانت مختارة لزمتها عند الحنفية. وعند الحنابلة قولان قيل تلزمها الكفارة، لأنهاهتكت حرمة رمضان بالجماع، وقيل لا تلزمها، لأنّ أحمد سئل عن رجل أتى أهله فى رمضان أعليها كفارة؟ فقال ما سمعنا أن على امرأة كفارة (وذهب الجمهور) إلى أنّ الكفارة لا تسقط بالإعسار بل تستقر فى ذمة من وجبت عليه حتى يتمكن من أدائها قياسا على سائر الديون والحقوق "ولأنّ المجامع" فى حديث الباب بعد أن أخبر النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأنه عاجز عن الخصال الثلاث ثم أتى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعرق التمر "أمره" بإخراجه فى الكفارة، فلو كانت تسقط بالعجز لم يكن عليه شئ ولم يأمره بإخراجه، فدل هذا على ثبوتها فى ذمته. وإنما أذن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم له فى إطعام عياله لأنه كان محتاجا ومضطرا إلى الإنفاق على عياله فى الحال. والكفارة على التراخى فأذن له فى أكله وإطعام عياله صدقة منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقيت الكفارة فى ذمته. (وقال عيسى بن دينار) من المالكية إنّ الكفارة تسقط بالإعسار لما تقرّر من أنها لا تصرف عل نفس المكفر ولا عياله. ولم يبين له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم استقرارها فى ذمته إلى حين يساره. وهو أحد قولى الشافعى. واستدل له بما رواه الدارقطنى عن على بن أبى طالب أنّ رجلا أتى إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله هلكت. فقال وما أهلكك؟ قال أتيت أهلى فى رمضان. قال هل تجد رقبة؟ قال لا. قال فصم شهرين متتابعين. قال لا أطيق الصيام قال فأطعم ستين مسكينا لكل مسكين مدّ. قال ما أجد. فأمر له رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بخمسة عشر صاعا. قال: أطعمه ستين مسكينا. قال والذى بعثك بالحق ما بالمدينة أهل بيت أحوج منا. قال فانطلق فكله أنت وعيالك فقد كفر الله عنك ففيه الدلالة على عدم استقرارها فى ذمته. وذهب به بعضهم إلى أن ما أكله الرجل وعياله هو كفارة له. ورخص له صلى الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>