للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفطر لمن كان صائما تطوعا ولا قضاء عليه. وبه قال عمر وعلى وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وجابر وحذيفة وأبو الدرداء والثورى والشافعى وأحمد وإسحاق (مستدلين) بحديث الباب وبما رواه مسلم عن عائشة قالت: دخل علىّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شئ؟ قلنا لا. قال فإنى إذا صائم. ثم أتانا يوما آخر فقلنا: يا رسول الله أهدى لنا حيس. فقال أرنيه فلقد أصبحت صائما فأكل. وفى رواية له فأكل ثم قال: لقد كنت أصبحت صائما. وبما رواه الترمذى والنسائى والدارقطنى والبيهقى عن أم هانئ قالت: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر. قال النووى فى شرح المهذب: ألفاظ رواياتهم متقاربة المعنى وإسنادها جيد. وقال الترمذى فى إسناده مقال اهـ وبما رواه البيهقى عن ابن مسعود قال: إذا أصبحت وأنت ناوى الصوم فأنت بخير النظرين إن شئت صمت وإن شئت أفطرت. وبما رواه الدارقطنى والبيهقى بإسناد صحيح عن جابر أنه لم يكن يرى بإفطار المتطوع بأسا. وروى الشافعى والبيهقى بإسناد صحيح عن ابن عباس مثله. وبما رواه البخارى عن أبى جحيفة قال: آخى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بين سلمان وأبى الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة. فقال لها ما شأنك؟ قالت أخوك أبو الدرداء ليس له فى الدنيا حاجة. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال كل فإنى صائم. قال ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال نم فنام، ثم ذهب يقوم فقال نم فنام، ثم ذهب يقوم قال نم فنام: فلما كان من آخر الليل قال سلمان. قم الآن فَصَلِّيَنْ فقال له سلمان إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذى حق حقه، فأتى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فذكر ذلك له فقال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: صدق سلمان. وبذلك قالت الشافعية والحنابلة. وقالوا إذا دخل فى صوم التطوع استحب له إتمامه، وإذا أفطر بعذر أو بغير عذر فلا إثم عليه ولا يجب عليه القضاء لكن يكره له الفطر بدون عذر لعموم قوله تعالى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} وخروجا من خلاف من أوجب الإتمام. وإذا أفطر بعذر فلا كراهة. وعلى كل فيستحب قضاؤه (وذهب أبو حنيفة) فى ظاهر الرواية ومالك إلى أنه يجب إتمام ما شرع فيه من نفل ولا يجوز فطره بلا عذر لقوله تعالى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} فإن أفطر بلا عذر أثم وعليه القضاء، وإن أفطر لعذر كأن أمره أحد والديه أو شيخه بالفطر شفقة عليه وكطرو الحيض على المتطوعة فأفطر فلا إثم عليه ولا قضاء عند المالكية. ويلزمه القضاء عند الحنفية لحديث عائشة رضى الله تعالى عنها قالت: كنت أنا وحفصة صائمتين فعرض لنا طعام فأكلنا منه فدخل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقالت حفصة: يا رسول الله إنا كنا صائمتين متطوعتين فأهدى لنا طعام فأفطرنا عليه فقال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: اقضيا مكانه يوما آخر. رواه مالك والترمذى

<<  <  ج: ص:  >  >>