للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معها حتى أدخلها بيتها. وكان بيتها فى دار أسامة كما ذكره المصنف، أى الدار التى صارت لأسامة ابن زيد، لأنّ أسامة لم يكن له دار مستقلة وقتئذ. ولعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خص صفية بذلك لأنها جاءت متأخرة عن رفقتها فأخرها ليحصل لها التساوى فى مدّة جلوسهن عنده، أو لأنّ بيوت رفقتها كانت أقرب إلى المسجد من منزلها فخرج صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم معها

(قوله فمرّ رجلان من الأنصار) قيل هما أسيد بن حضير وعباد بن بشر. وفى رواية للبخارى من طريق سفيان بن عيينة فأبصره رجل من الأنصار. قال ابن التين ولعل سفيان وهم، لأنّ أكثر الروايات على التثنية، ويحتمل أن أحدهما كان تبعا للآخر فلم يعول عليه, أو أن الراوى شك فى الرواية فمرة قال مر رجلان وأخرى مر رجل. وعلى فرض صحة رواية الإفراد يحمل على تعدد القصة

(قوله فلما رأيا النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أسرعا) وفى رواية للبخارى فنظرا إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثم أجازا "أى مضيا فى طريقهما". وفى رواية لابن حبان فلما رأياه استحييا فرجعا

(قوله على رسلكما) بكسر الراء وفتحها أى امشيا على هيئتكما التي كنتما عليها ولا تسرعا

(قوله قالا سبحان الله يا رسول الله) أى تنزيها لله تعالى عن أن يكون رسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم متهما بما لا ينبغى، أو هو كناية عن التعجب من قوله صلى الله تعالى على وعلى آله وسلم لهما إنها صفية. وفى رواية للبخارى فكبر ذلك عليهما. وفى رواية له أيضا عن هشيم فقالا يا رسول الله وهل نظن بك إلا خيرا؟

(قوله إن الشيطان يجرى من الإنسان مجرى الدم الخ) قيل هو على ظاهره وأن الله عز وجل أقدره على ذلك، ويحتمل أن يكون على سبيل التشبيه لكثرة إغوائه ووسوسته فكأنه لا يفارق الإنسان كما لا يفارقه دمه, وقوله فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا, أي ما ظننت بكما شرا لكن خفت أن يوسوس لكما الشيطان ما تهلكان به. وفى الفتح وفى رواية عبد الرحمن بن إسحاق "ما أقول لكماهذا أن تكونا تظنان شرا، ولكن قد علمت أن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم" ثم قال (والمحصل) من هذه الروايات أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم ينسبهما إلى أنهما يظنان به سوءا لما تقرّر عنده من صدق إيمانهما، ولكن خشي عليهما أن يوسوس لهما الشيطان ذلك، لأنهما غير معصومين فقد يفضى بهما ذلك إلى الهلاك، فبادر إلى إعلامهما حسما للقيل وتعليما لمن بعدهما إذا وقع له مثل ذلك كما قاله الشافعى رحمه الله تعالى. فقد روى الحاكم أن الشافعي كان فى مجلس ابن عيينة فسأله عن هذا الحديث فقال الشافعى: إنما قال لهما ذلك لأنه خاف عليهما الكفر إن ظنابه التهمة فبادر إلى إعلامهما نصيحة لهما قبل أن يقذف الشيطان فى نفوسهما شيئا يهلكان به اهـ

(الفقه) دل الحديث على جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره والحديث مع غيره. وعلى جواز زيارة المرأة زوجها المعتكف ليلا وخلوته بها. وعلى شفقته

<<  <  ج: ص:  >  >>