للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الباطن لا من الظاهر فلا يجب غسله لأنه ليس من مسمى البشرة، قالوا والأوامر الواردة في الأحاديث بالمضمضة والاستنشاق محمولة على السنية جمعا بين الأدلة (الثاني) أنهما سنتان في الوضوء فرضان عمليان في الغسل وهو مذهب أبى حنيفة وأصحابه وسفيان الثورى وزيد بن على واستدلوا بقوله تعالى "وإن كنتم جنبا فاطهروا" فإنه أمر بتطهير جميع البدن إلا ما تعذر إيصال الماء إليه، وداخل الفم والأنف لا يتعذر إيصال الماء إليه بخلاف الوضوء فإن الواجب فيه غسل الوجه وهو ما تقع به المواجهة وهى فيهما منعدمة. ويدلّ لهم أيضا ما رواه الدارقطني عن عائشة بنت عجرد في جنب نسى المضمضة والاستنشاق قالت قال ابن عباس يمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة، ورواه عنها من عدّة طرق وقال عائشة بنت عجرد لا يحتج بها اهـ ولا وجه للتفرقة بين الوضوء والغسل فيهما فإن ما احتجوا به من الآية مجمل بين بنحو حديث أبي ذرّ المتقدم وفيه إذا وجد الماء فليمسه بشرته وقد علمت أن البشرة ظاهر الجلد فلا تشمل داخل الفم والأنف (الثالث) أن الاستنشاق واجب في الوضوء والغسل دون المضمضة فيهما فإنها سنة وهو مذهب أبى ثور وأبي عبيد وداود الظاهرى وأبي بكر بن المنذر ورواية عن أحمد واستدلوا بما رواه الشيخان عن أبى هريرة مرفوعا إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم ليستنثر وسيأتي للمصنف في باب الاستنثار، وبما رواه الدارقطني عن ابن سيرين قال أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالاستنشاق في الجنابة ثلاثا، وقالوا إن المضمضة ثابتة بفعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا بأمره بخلاف الاستنشاق فإنه ثابت بهما وفعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يفيد الوحوب، وفي قولهم هذا نظر فقد روى الدارقطنى عن عائشة وسليمان بن موسى قالا قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من توضأ فليتمضمض وليستنشق فلا وجه للتفرقة، وقد علمت أن الأوامر الواردة بالمضمضة والاستنشاق محمولة على السنية (الرابع) أنهما واجبتان في الوضوء والغسل لا يصحان إلا بهما وهو المشهور عن أحمد وهو مذهب ابن أبي ليلى وإسحاق بن راهويه ورواية عن عطاء والهادى والقاسم والمؤيد بالله واستدلوا بأدلة (منها) أنهما من تمام غسل الوجه فالأمر بغسله أمر بهما، وقالوا وهذا وإن كان مستبعدا في بادئ الرأى باعتبار أن الوجه في لغة العرب معلوم المقدار لكن يعضد دعوى دخولهما في الوجه أنه لا موجب لتخصصه بظاهره دون باطنه فإن الجميع في لغة العرب يسمى وجها (فإن قلت) قد أطلق على خرق الفم والأنف اسم خاص فليسا في لغة العرب وجها (قلت) كذلك أطلق على الخدين والجبهة وظاهر الأنف والحاجبين وسائر أجزاء الوجه أسماء خاصة فلا تسمى وجها وهذا في غاية السقوط لاستلزامه عدم وجوب غسل الوجه (فإن قلت) يلزم على هذا وجوب غسل باطن العين (قلت) يلزم ذلك لولا اقتصار الشارع في البيان على غسل ما عداه، وقد بين

<<  <  ج: ص:  >  >>